ـ التي (١) يراد بها عدم الرجوع ـ بمجرد (٢)
______________________________________________________
على إنشاء المعاملات الخطيرة بالصيغة ، فلو لم يكن مجرّد تعارف البيع اللفظي موجبا لانصراف أدلة صحة البيع الى خصوص ما كان متداولا في ذلك العصر قلنا : إنّ قيام سيرة المتشرعة والعقلاء على عدم الإكتفاء بمجرد التعاطي كاف في اختصاص قاعدة لزوم الملك بالبيع اللفظي.
والفرق بين هذا الدليل وسابقيه هو : أنّ الوجهين المتقدمين يدلّان على عدم كفاية التعاطي مطلقا سواء أكان العوضان خطيرين أم حقيرين. ولكن هذا الدليل مخصوص بالأموال الخطيرة مع زيادة قيد ، فهنا صور ثلاث :
الأولى : أن يكون العوضان من المحقّرات ـ وربما يقدّر بما لا يبلغ حدّ القطع في السرقة ـ فهنا جرت سيرتهم على كفاية التعاطي وترتب ملك جائز عليه ، وجواز الرجوع فيه.
الثانية : أن يكون العوضان من الأموال الخطيرة كالدور والبساتين ، ويجعل المتبايعان أو أحدهما خيارا فيه ، فهذه كالصورة الأولى في بنائهم عملا على إنشاء المعاملة بالمعاطاة.
الثالثة : أن يكون العوضان من الأموال الخطيرة مع بنائهم على لزوم المعاملة وعدم جواز فسخها أصلا ، وهذه الصورة مورد قيام سيرة المتشرعة والعقلاء على عدم الاقتصار بالفعل كالمصافقة ، بل يلتزمون بالإنشاء اللفظي ، بحيث يكون لزوم الملك بنظرهم متوقفا عليه.
وعلى هذا فالسيرة مخصّصة لعموم أدلة لزوم الملك في المعاطاة بالنسبة إلى الأموال الخطيرة التي لا يلتزم فيها بعدم الفسخ والرجوع. ومن المعلوم أنّ سيرة المتشرعة حجة بنفسها ، لكونها متلقّاة من الشرع ، ولا يطالب بدليل على إمضائها ، فالمهم إحراز أصل السيرة التي هي إجماع عملي.
(١) هذه إشارة إلى الصورة الثالثة المتقدمة ، ومفهومها يدلّ على الاكتفاء بالتعاطي في الأمور الخطيرة عند جعل الخيار لهما أو لأحدهما.
(٢) متعلق بقوله : «الاكتفاء».