.................................................................................................
__________________
ومحصّل هذا الوجه : أنّ المراد بالكلام هو الالتزام المعاملي السالب عرفا للاختيار ، والمراد بالتحريم والتحليل بالإضافة إلى شخصين ، وهما البائع والمشتري ، لا إلى كلامين من شخصين ، بحيث يكون أحدهما محرّما والآخر محلّلا ، فإن المثمن يحرم على البائع بالتزامه المعاملي ، ويحلّ للمشتري ، وفي الثمن بالعكس. وإطلاق الكلام على الالتزام شائع. ومنه «كلام اللّيل يمحوه النهار» كما قد يطلق عليه القول ، فيقال : «أعطيت قولا بذلك» وقوله تعالى (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ) (١).
وبعبارة أخرى : لا يراد بالكلام اللفظ ، ولا دخله في الأثر ، إذ المؤثّر هو المعنى ، والكلام بما أنّه فإن في معناه ، إذ هو ما به ينظر لا فيه ينظر ، فالكلام المحلّل والمحرّم هو الالتزام المعاملي المحرّم للمبيع على البائع والمحلّل له للمشتري.
وهذا المعنى الذي أفاده صاحب الجواهر قد يساعده الذوق الفقهي السليم ، ويتأيّد بكثير من النصوص الواردة في بيع الدلّال ، كصحيحة ابن سنان الآتية في المتن وغيرها ممّا رواها ثقة الإسلام في باب بيع ما ليس عنده ، وأنّه إن كان مجرّد مفاوضة ومقاولة فلا بأس ، وإن كان إيجاب البيع ففيه بأس.
لكن الإنصاف أنّ هذا الوجه يستلزم إسقاط خصوصية الكلام المأخوذ موضوعا للتحليل والتحريم ، ولغوية ذكره ، وهو بمكان من الفساد. فمقتضى ظاهر التعليل هو كون الكلام المنشأ به إيجاب البيع قبل الشراء محرّما ، وبعده محلّلا ، فالمناط في التحريم والتحليل هو الكلام ، فيدل قوله عليهالسلام : «إنّما يحلل الكلام ويحرم الكلام» على كون إيجاب البيع المتحقق بالكلام دون غيره قبل الشراء محرّما ، وبعده محلّلا ، فلا عبرة بإيجاب البيع بغير الكلام كإنشائه بالمعاطاة.
وما أفاده المحقق الايرواني قدسسره في تأييده بإطلاق الكلام على الالتزام المجرّد عن
__________________
(١) السجدة ، الآية : ١٣.