.................................................................................................
__________________
الفطرة؟ قال : لمن لا يجد ، ومن حلّت له لا تحلّ عليه ، ومن حلّ عليه ، لم تحلّ له» (١).
وظاهرهم حمل الوجدان على التمكن والقدرة على تحصيل المال ، لا مالكيّته فعلا ، قال السيد قدسسره في العروة : «وكذا لا يجوز ـ يعني أخذ الزكاة ـ لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصّل منهما مقدار مئونته» (٢) ومقتضاه عدم كون الحرّ المحترف فقيرا مستحقا للزكاة ، بل هو غني بمجرّد تمكنه من الكسب وإعمال صنعته ، وأنّ فقده للنقد ليلة العيد لا يقدح في غناه وواجديته لما يتصدّق به ، ولا يوجب فقره واستحقاقه للزكاة.
وعليه فليكن المراد من الوجدان في نصوص الاستطاعة المالية مجرّد القدرة على تحصيل الزاد والراحلة ، لا مالكيتهما فعلا بملك النقد والثمن.
والحاصل : أنه لا وجه للتفكيك بين الاستطاعة والزكاة ، فإمّا أن يراد من كلمة «يجد» في المقامين فعليّة المال ، التي مقتضاها عدم وجوب الزكاة على الكسوب ، بل هو مستحق لها ، وإمّا أن يراد منها في المقامين ما يعمّ القدرة على التحصيل ، ولازمه وجوب الحجّ على الكسوب الفاقد للنقود ، القادر على تحصيلها بالعمل في الطريق.
قلت : لا منافاة بين المقامين ، لأنّ «الجدة والوجود والوجدان» وما يشتق منها غير ظاهرة في الغنى وإصابة المال فعلا ، بل قد يراد بها ذلك وقد يراد بها اليسار والتمكن ، والتعيين منوط بالقرينة. وكذلك وردت في اللغة ، ففي اللسان : «التهذيب : يقال : وجدت في المال ـ وجدا ووجدا ووجدا ووجدانا وجدة أي : صرت ذا مال .. والوجد .. اليسار والسعة» (٣). وفي المفردات : «ويعبّر عن التمكن من الشيء بالوجود ، نحو : اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، أي : حيث رأيتموهم .. فلم تجدوا ماء : فمعناه : فلم تقدروا على الماء ، وقوله : من وجدكم أي :
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٢٢٤ ، الحديث ٩.
(٢) العروة الوثقى ، ج ٢ ، ص ٣٠٦ ، كتاب الزكاة ، الفصل السادس في أصناف المستحقين.
(٣) لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٤٥.