.................................................................................................
__________________
رقبته. فالمنّ من الحنطة قبل التعهد ، والمباحات قبل الحيازة وعمل الحرّ قبل المعاوضة عليه أموال ، وليست أملاكا بالملكية الاعتبارية ، وإن كان بعضها كعمل الحرّ مضافا الى صاحبه بالملكية الذاتية التكوينية ، فإنّ عمل كل شخص ونفسه وذمّته مملوكة له ملكية ذاتية ، وهذه المرتبة من الملكية فوق الملكية الاعتبارية ودون الملكية الحقيقية التي هي له تعالى بما أنه فاعل ما منه الوجود ، ولأوليائه عليهمالسلام بما أنّهم فاعل ما به الوجود.
والمراد بالملكية الذاتية السلطنة على التصرف في نفسه وشؤونها ، لحكم الوجدان والضرورة والسيرة العقلائية بتسلط كل أحد على عمل نفسه وما في ذمته ، وأنّ له السلطنة على تمليك عمله بالإيجاد وغيره ، وبيع ما في ذمته ، وهذه السلطنة ممضاة شرعا وغير مردوع عنها. فالسلطنة الذاتية موضوع للسلطنة على إيجاد الملكية الاعتبارية إلّا ما خرج بالدليل ، كعدم سلطنته شرعا على التمليك الاعتباري بالنسبة الى بعض المملوك الذاتي كالخمر المصنوع له ، وآلات اللهو التي صنعها ، فإنّ الشارع ألغى الملكية الاعتبارية فيها.
وبالجملة : فالملكية الذاتية لعمل الحر ثابتة ، دون الملكية الاعتبارية ، إذ لا مجال لها مع الملكية الحقيقية ، للغويتها وكونها من تحصيل الحاصل.
وقد تحصّل مما ذكرناه أمور :
الأوّل : أنّ عمل الحرّ مال عرفي مملوك له بالملكية الذاتية التكوينية التي هي السلطنة على النفس والذمة بتمليك عمله وما في ذمّته للغير ، وليس مملوكا له بالملكية الاعتبارية. فيشترك عمل الحرّ والعبد في المالية والملكية الذاتية ، ويفترقان في إضافة الملكية الاعتبارية ، حيث إنّ عمل العبد ـ مع كونه مملوكا لنفسه ذاتا ـ مملوك لسيده تبعا لرقبته بالملكية الاعتبارية ، كسائر الأعيان المملوكة له كالدار والدابة ونحوهما. بخلاف عمل الحرّ ، فإنّه مملوك له بالملكية الذاتية دون الاعتبارية ، إلّا بعد تمليكه للغير بإجارة أو غيرها ، فإنّه يصير حينئذ مملوكا للمستأجر كمملوكية عمل العبد لمولاه. ومقتضى مملوكية عمل العبد لمولاه وجوب الحج على المولى إن كان عمله مساويا لمال يفي بالحج ، واجتمع سائر شرائط وجوبه.