يؤده لقي من الله ما يودّ لو أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات.
وأما تقدير الأمر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف مشهور بين العلماء ، وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل ، لأجل أن الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها ولا المختلف عليها ، وإنما تدخل في المتفق عليه.
والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق بالإجماع أو بنصّ القرآن ؛ لأن ما عدا ذلك لا يتحقق فيه الوعيد».
قوله : (فَأَصَّدَّقَ).
نصب على جواب [التمني](١) في قوله : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي).
وقرأ أبي وعبد الله وابن جبير (٢) : «فأتصدّق» ، وهي أصل قراءة العامة ولكن أدغمت الفاء في الصاد.
قوله : «وأكن».
قرأ أبو عمرو : «وأكون» (٣) بنصب الفعل عطفا على «فأصّدّق».
والباقون : «وأكن» مجزوما ، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين.
واختلفت عبارات الناس في ذلك (٤).
فقال الزمخشري (٥) : «عطفا على محل «فأصّدّق» كأنّه قيل : إن أخّرتني أصّدق وأكن».
وقال ابن عطية (٦) : عطفا على الموضع ؛ لأنّ التقدير : إن أخرتني أصّدق وأكن ، وهذا مذهب أبي علي الفارسي».
وقال القرطبي (٧) : «عطف على موضع الفاء ، لأن قوله : «فأصدق» لو لم تكن الفاء لكان مجزوما ، أي «أصّدّق» ، ومثله : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦] فيمن جزم.
فأما ما حكاه سيبويه (٨) عن الخليل فهو غير هذا ، وهو أنه جزم على توهم
__________________
(١) في أ : النهي.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٤٤ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣١٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٧٠.
(٣) ينظر : السبعة ٦٣٧ ، والحجة ٦ / ٢٩٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٩ ، وحجة القراءات ٧١٠ ، والعنوان ١٩١ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٦ ، وشرح شعلة ٦٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٥٤٠.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢٣.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٤٤.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١٥.
(٧) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٦.
(٨) ينظر : الكتاب ١ / ٤٤٩.