وقال سعيد بن جبير وأبو العالية وعطاء بن أبي رباح : ما لكم لا ترجون لله ثوابا ، ولا تخافون له عقابا (١).
وقال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ) ، لا تخشون لله عقابا وترجون منه ثوابا (٢).
وقال الوالبي والعوفي عنه : ما لكم لا تعلمون لله عظمة.
وقيل : ما لكم لا تعتقدون لله عظمة.
وقال ابن عبّاس ومجاهد : ما لكم لا ترون لله عظمة (٣).
قال قطرب : هذه لغة حجازية ، وهذيل وخزاعة ومضر يقولون : لم أرج ، أي : لم أبال.
قوله : «وقارا» ، يجوز أن يكون مفعولا به على معان ، منها : ما لكم لا تأملون له توقيرا ، أي : تعظيما.
قال الزمخشريّ : والمعنى ما لكم لا تكونون على حال ، تأملون فيها تعظيم الله إيّاكم في دار الثواب «ولله» بيان للموقر ، ولو تأخر لكان صلته. انتهى.
أي : لو تأخر «لله» عن «وقارا» لكان متعلقا به ، فيكون التوقير منهم لله تعالى وهو عكس المعنى الذي قصده ، ومنها : لا تخافون لله حلما وترك معاجلة بالعقاب فتؤمنوا.
ومنها : لا تخافون لله عظمة ، وعلى الأول يكون الرجاء على بابه ، وقد تقدم أن استعماله بمعنى الخوف مجاز ومشترك.
وأن يكون حالا من فاعل «ترجون» ، أي : موقرين الله تعالى ، أي : تعظمونه ، ف «لله» على هذا متعلق بمحذوف على أنه حال من «وقارا» أو تكون اللام زائدة في المفعول به ، وحسنه هنا أمران : كون العامل فرعا ، وكون المعمول مقدما ، و «و (لا تَرْجُونَ») حال.
وقد تقدم نظيره في المائدة (٤).
والوقار : العظمة ، والتوقير التعظيم ، ومنه قوله تعالى (وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح : ٩].
وقال قتادة : ما لكم لا ترجون لله عاقبة كأن المعنى : ما لكم لا ترجون لله عاقبة الإيمان(٥).
__________________
(١) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ١٩٦).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٤٥) وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠) عن ابن عباس ومجاهد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والبيهقي في «الشعب» من طرق عنه.
(٤) آية رقم ٤٦.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٥٠).