وقال ابن كيسان : ما لكم لا ترجون في عبادة الله ، وطاعته أن يثيبكم على توقيركم خيرا.
وقال ابن زيد : ما لكم لا تؤتون لله تعالى طاعة (١).
وقال الحسن : ما لكم لا تعرفون لله حقا ، ولا تشكرون له نعمة (٢).
وقيل : ما لكم لا توحدون الله لأن من عظمه فقد وحّده.
وقيل : إن الوقار هو : الثبات لله عزوجل ، ومنه قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] أي : اثبتن ، والمعنى : ما لكم لا تثبتون وحدانية الله تعالى ، وأنه إلهكم ، لا إله لكم غيره ، قاله ابن بحر ، ثم دلّهم على ذلك فقال : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً).
يعني نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاما ، ولحما ، ثم أنشأناه خلقا آخر.
وقيل : «أطوارا» صبيانا ، ثم شبانا ، ثم شيوخا ، وضعفاء ، ثم أقوياء.
وقيل : «أطوارا» ، أي : أنواعا ، صحيحا ، وسقيما ، وبصيرا ، وضريرا ، وغنيا ، وفقيرا.
وقيل : الأطوار : اختلافهم في الأخلاق ، والأفعال.
قوله : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) ، جملة حالية من فاعل «ترجون».
والأطوار : الأحوال المختلفة.
قال الشّاعر : [البسيط]
٤٨٨٠ ـ فإن أفاق فقد طارت عمايته |
|
والمرء يخلق طورا بعد أطوار (٣) |
وانتصابه على الحال ، أي : منتقلين من حال إلى حال ، أو مختلفين من بين مسيء ، ومحسن ، وصالح ، وطالح.
قوله : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً).
لما ذكر لهم دليل التوحيد من أنفسهم ، أتبعه بدليل الآفاق فقال : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ، أي : ألم تعلموا أنّ الذي قدر على هذا ، فهو الذي يجب أن يعبد ، ومعنى : «طباقا» قال ابن عباس والسدي : أي : بعضها فوق بعض كل سماء منها وطبقة على الأخرى كالقباب (٤).
فإن قيل : هذا يقتضي ألا يكون بينهما فرج ، وإذا كان كذلك فكيف تسلكها الملائكة؟.
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٩٦).
(٣) البيت للنابغة ينظر ديوانه (٢١٩) واللسان (طور) ، والبحر المحيط ٨ / ٣٣١ ، وروح المعاني ٢٩ / ٩١.
(٤) ذكره الماوردي (٦ / ١٠٢) والقرطبي (١٨ / ١٩٧).