فالجواب : أن الملائكة أرواح.
وأيضا قال المبرّد : معنى طباقا ، أي : متوازية لا أنها متماسة.
وقال الحسن : (خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) على سبع أرضين بين كل أرض وأرض وسماء خلق وأمر (١).
وقوله : (أَلَمْ تَرَوْا) ، على جهة الإخبار ، لا المعاينة كما تقول : ألم ترني كيف صنعت بفلان كذا ، و «طباقا» نصب على أنه مصدر طابقه طباقا ، أو حال بمعنى : «ذات طباق» ، فحذف «ذات» وأقام «طباقا» مقامه ، وتقدم الكلام عليه في سورة «الملك».
وقال مكيّ : وأجاز الفرّاء في غير القرآن جر «طباق» على النعت ل «سماوات».
يعني أنه يجوز أن يكون صفة للعدد تارة ولمعدود أخرى.
قوله : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) ، أي : في السماوات ، والقمر إنّما هو في سماء واحدة منهن قيل : هو في السماء الدنيا ، وإنّما جاز ذلك لأن بين السماوات ملابسة فصح ذلك ، وتقول : زيد في المدينة ، وإنّما هو في زاوية من زواياها.
وقال ابن كيسان : إذا كان في إحداهنّ فهو فيهنّ.
وقال قطرب : «فيهنّ» بمعنى : «معهنّ».
وقاله الكلبيّ : أي : خلق الشمس والقمر مع خلق السماوات والأرض (٢).
وقال جلّ أهل اللغة في قول امرىء القيس : [الطويل]
٤٨٨١ ـ وهل ينعمن من كان آخر عهده |
|
ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال (٣) |
«في» بمعنى : «مع».
وقال النحاس : سألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية ، فقال : جواب النحويين : أنه إذا جعله في إحداهن ، فقد جعله فيهن ، كما تقول : أعطني الثياب المعلمة ، وإن كنت إنما أعلمت أحدها.
وجواب آخر : أنه يروى أن وجه القمر إلى داخل السماء ، وإذا كان إلى داخلها فهو متصل بالسماوات ، ومعنى : «نورا» ، أي : لأهل الأرض ، قاله السدي (٤).
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٩٧.
(٣) ينظر ديوانه ص (٢٧) ، وأدب الكاتب ص ٥١٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٢ ، والجنى الداني ص ٢٥٢ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٠ ، والدرر ٤ / ١٤٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٨٦ ، والخصائص ٢ / ٣١٣ ، ورصف المباني ص ٣٩١ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٩٢ ، ولسان العرب (فيا) ومغني اللبيب ١ / ١٦٩ ، وهمع الهرامع ٢ / ٣٠.
(٤) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٠٢) والقرطبي (١٨ / ١٩٧).