يبحث عن الله تعالى بفطرته إلى أن تتكشف له سبحات الجلال من غير إشارة ، ولو دققنا النظر في كتابه العزيز لاهتدينا إلى هذه اللطيفة والنكتة الشريفة كما في قوله تعالى :
(فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية / ٢١ ـ ٢٢) وليس تذكير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصا بالمؤمنين ، بل هو عام يشمل الكافرين والملحدين (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) (سبأ / ٢٩) ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (الأنبياء / ١٠٨) ، فرحمته صلىاللهعليهوآلهوسلم عامة إلى العالمين بتذكيره لهم لما جبلوا عليه من الفطرة ، وإحياؤها في نفوسهم ، ولا يتذكر إلّا من عمل بحدود رسالته صلىاللهعليهوآلهوسلم وحدود رسالته تشمل كل جوانب الإنسانية ، وهذا التذكير هو الحقيقة التي أشار إليها مولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليهالسلام لصاحبه كميل بن زياد النخعي حين سأله ما الحقيقة؟
قال عليهالسلام : ما لك والحقيقة يا كميل.
فقال كميل : أولست صاحب سرّك؟
قال عليهالسلام : بلى ، ولكن يرشح عليك ما يطفح مني.
قال كميل : أو مثلك يخيّب سائلا؟
قال عليهالسلام : الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة.
قال كميل : زدني بيانا.
قال عليهالسلام : محو الموهوم وصحو المعلوم.
قال : زدني! قال عليهالسلام : هتك الستر لغلبة السر.
قال : زدني.
قال عليهالسلام : جذب الأحدية لصفة التوحيد.
قال : زدني.
قال عليهالسلام : نور أشرق من صبح الأزل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره.
قال : زدني.