الأشعري في مسألة جواز النظر.
ـ الأمر الثالث : إن عدم جواز الرؤية البصرية عند صاحب هذه الشبهة يعتمد على النقل دون العقل.
ـ الأمر الرابع : اعتماده على بعض ظواهر النصوص القرآنية المتشابهة دون المحكمة في استجلاء شخصيات الأنبياء ومنابع أفكارهم مع طرحه ورده للأدلة العقلية المحكمة التي تنزّه الأنبياء عن القبائح والمناقص الذاتية.
ـ الأمر الخامس : دعواه عدم وجود قرائن لفظية أو عقلية تصرف اللفظ المتشابه عن ظاهره ، حاملا الآية موضع البحث على ظاهرها من دون اللجوء إلى التأويل ، جازما بضرس قاطع بعدم وجود دليل لفظي أو عقلي يصرف الآية عن ظاهرها.
يرد عليه :
أما الأمر الأول : كيف حكم على موسى عليهالسلام بأنه تخيّل بأن من يسمع كلام الله يستحق أن يراه ، حيث حكم بالملازمة بين سماع الكلام والرؤية ، ومتى كان الحكم بالملازمات جائزا شرعا من دون برهان معتدّ به؟!! وهل القرآن بمتشابهه كاف لوحده في بيان المفاهيم والتصورات الكونية والشرعية؟ وإذا كان كذلك فلم قال الله عز اسمه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) ، (٨) ، (آل عمران / ٨) وقال تعالى أيضا : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر / ٨) ، ولما ذا لم يخيّل إليه ذلك قبل مناجاته مع الله تعالى ما دامت المسألة ليست من المستقلّات العقلية بنظره؟! .. ولما ذا لم يعرّفه الله ذلك في بدايات نبوّته ، حيث كان النزاع مع فرعون المدّعي للربوبية على أشده ، فكان الأجدر حينئذ أن يعرّفه الله تعالى أنه لا يرى بالبصر حرصا منه على تعليمه لئلّا يقع فريسة إشكالات فرعون وحاشيته! ... وهل يمكن أن يرسل الله تعالى نبيا لا يعرفه حقّ المعرفة؟ .. وهل يجوز بحكمة العقل ونظر العقلاء أن يكون داعية لله سبحانه وهو لا يعرف شيئا من أصول عقيدته ، فكيف إذا كان هذا الداعي نبيا رسولا ومن أولي العزم ، وإذا كان موسى إلى وقت