تكثر مباديها وقد علمت أنها عين ذاته تعالى» (١).
ويستدلّ على ذلك :
أولا : لو لم تكن صفاته عين ذاته لكانت زائدة عليه فيلزم احتياجه (في إفاضة هذه الكمالات على شيء) ، إلى حياة وقدرة وعلم وإرادة إذ لا يمكن إفاضتها إلّا من الموصوف بها.
ثانيا : لو لم تكن عينه لكانت غيره فكانت باطلة لأصالة (٢) الوجود وبطلان غيره ، لأن هذا الغير لا يخلو من أمرين :
إما أن يكون مصداقا في داخل الذات الإلهية فيلزم منه أن تكون الذات مركّبة من أجزاء والتركيب مستحيل عليه تعالى.
وإمّا أن يكون هذا الغير مصداقا للذات من خارجها ، وفي هذه الحالة إمّا أن نتصورها واجبة الوجود غير محتاجة إلى موجد ، وإما أن نتصورها ممكنة الوجود ومحتاجة إلى من يوجدها.
أما افتراض أنها واجبة الوجود بمعنى تعدد الذات فهو الشرك الصريح ولا بد أن يكون أحدهما أقوى من الآخر حتى يوجده.
وأما افتراض أن هذه الصفات ممكنة الوجود فيلزم من ذلك القول بأن الذات الإلهية مع افتراض فقدانها لهذه الصفات هي التي تخلق هذه الصفات وتوجدها ، ثم بعد ذلك تتصف بها ، فمثلا بما أن الذات فاقدة للحياة ذاتا ، فإنها تخلق موجودا يسمى «الحياة» وبعد ذلك تتصف بصفة الحياة ، وكذلك الحال في العلم والقدرة وغيرها ، مع أنه من المحال أن تكون العلة الموجدة فاقدة لكمالات مخلوقاتها.
وبهذا يتضح بطلان الفروض المتقدمة وعلى ضوئها يتبيّن أن الصفات الإلهية ليست لها مصاديق مستقلة كل واحدة عن الأخرى وعن الذات الإلهية بل إن هذه الصفات كلها مفاهيم ينتزعها العقل من مصداق واحد بسيط هو الذات الإلهية.
ثالثا : كل ما دلّ على بطلان زيادة الصفات على الذات هو بدوره دليل على عينيّة الصفات.
__________________
(١) الأسفار : ج ٦ ص ١٢٠.
(٢) أصالة الوجود في مقابل أصالة الماهية التي يراد منها الممكنات فالله سبحانه لا ماهية له ، فهو الوجود المطلق مقابل الوجود المقيّد وهو الماهية.