حقيقة وجودية يلزم التركيب في ذاته ، مع أنّه بسيط الذات وهذا خلف.
قوله عليهالسلام : «وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» ، أراد به نفي الصفات التي وجودها غير وجود الذات وإلّا ، فذاته بذاته مصداق لجميع النعوت الكمالية والأوصاف الإلهية من دون قيام أمر زائد بذاته تعالى فرض أنّه صفة كمالية له ، فعلمه وقدرته وإرادته وحياته وسمعه وبصره كلّها موجودة بوجود ذاته الأحديّة. مع أنّ مفهوماتها متغايرة ومعانيها متخالفة ، فإن كمال الحقيقة الوجودية في جامعيتها للمعاني الكثيرة الكمالية مع وحدة الوجود.
قوله عليهالسلام : «لشهادة كلّ صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة» ، إشارة إلى برهان نفي الصفات العارضة ، سواء فرضت قديمة كما يقوله الأشاعرة أم حادثة ، فإنّ الصفة إذا كانت عارضة كانت مغايرة للموصوف بها ، وكلّ متغايرين في الوجود فكلّ منهما متميز عن صاحبه بشيء ومشارك له بشيء آخر ، وذلك لاشتراكهما في الوجود ومحال أن يكون جهة الامتياز عين جهة الاشتراك ، وإلّا لكان الواحد بما هو واحد كثيرا. بل الوحدة بما هي وحدة بعينها كثرة ، وهذا محال.
فإذن لا بدّ أن يكون كلّ منهما مركبا من جزء به الاشتراك وجزء به الامتياز فيلزم التركيب في ذات الواجب وقد ثبت أنه بسيط الحقيقة ، هذا خلف وإليه الإشارة بقوله : «فمن وصفه فقد قرنه» ، إلى قوله «فقد جهله» أي من وصفه بصفة زائدة فقد قرنه بغيره في الوجود ، وإذا قرنه بغيره فقد جعل له ثانيا في الوجود. وكلّما فرضه ثاني اثنين فقد جعله مركّبا ذا جزءين بأحدهما يشاركه في الوجود وبالآخر يباينه.
فكلامه عليهالسلام ، إذ هو منبع علوم المكاشفة ومصدر أنوار المعرفة نص على غاية تنزيهه تعالى عن شوب الإمكان والتركيب ، فيلزم من هذا التنزيه والتقديس أن لا موجود بالحقيقة سواه ، وهذه الممكنات من لوامع نوره وعكوس أضوائه ، وقد مرّت الإشارة إلى أن غاية التوحيد توجب أن يكون الواحد الحقيقي كل الأشياء فهو الكلّ في وحدته ، ولهذا عقّب هذا الكلام الذي في نفي الصفات بقوله عليهالسلام : «ومن أشار إليه فقد حدّه ... إلى آخره» ، أي من أشار إليه بأيّ إشارة كانت ـ حسية أو عقلية ـ بأن قال هاهنا أو هناك أو كذا وكذلك فقد جعله محدودا بحدّ خاص ومن حدّه بحدّ معيّن فقد عدّه أي جعله واحدا بالعدد لا