عن المعصوم عليهالسلام.
الثاني : أنه تعالى أكمل نبيه وعترته الطاهرة بحيث لم يكونوا قد اختاروا أمرا من الأمور إلّا ما يوافق الحق والصواب ولا يحلّ ببالهم الشريف ما يخالف مشيئة الباري عزّ شأنه ، لذا ورد أنهم أوعية الله وخزّان علمه وتراجمة وحيه.
ومن هذا القسم ما فوّض إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تعيين بعض الأمور كالزيادة في الفرائض وتعيين النوافل من الصيام والصلاة وطعمة الجد وغير ذلك وكما ورد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وضع دية العين ودية النفس وحرّم النبيذ وكل مسكر. وهكذا الأئمة عليهمالسلام فوّض الله تعالى إليهم بعض الأمور ، فقد ورد في سند صحيح عن زرارة أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهماالسلام يقولان :
إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الآية : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١).
وأيضا ورد عن ابن سنان قال :
قال أبو عبد الله عليهالسلام : لا والله ما فوّض إلى أحد من خلقه إلّا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة قال عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (النساء / ١٠٦) وهي جارية في الأوصياء عليهمالسلام (٢). انتهى.
وما ورد عن محمد بن سنان قال :
كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام فأجريت اختلاف الشيعة فقال : يا محمّد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّدا بوحدانيته ثم خلق محمّدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أمورها إليهم فهم يحلّون ما يشاءون ويحرّمون ما يشاءون ولن يشاءوا إلّا أن يشاء الله تبارك وتعالى ، ثم قال : يا محمّد هذه الديانة التي من تقدّمها مرق ومن تخلّف عنها محق ومن لزمها لحق خذها إليك يا محمد(٣).
إذن تفويض أمر الدين إلى بعض أوليائه باعتبارهم أوعية مشيئة الله تعالى لا
__________________
(١) أصول الكافي باب التفويض إلى النبي والأئمة عليهمالسلام.
(٢) نفس المصدر ومرآة العقول : ج ٣ ص ١٥٤ ح ٨.
(٣) ولاية الأولياء للمجلسي الأصفهاني : ص ٥٩.