يختارون إلّا ما اختاره الله ، هذا المعنى من التفويض مما لا فساد فيه عقلا ولا نقلا بل في هذه الأخبار وغيرها مما يدل عليه ولا اختصاص لهذا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل يجري في الأوصياء عترة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، كل ذلك إظهارا لشرفهم وإعلاء لشأنهم.
القسم الرابع :
التفويض في بيان العلوم والأحكام إليهم بما أرادوا أو رأوا المصلحة فيها بسبب اختلاف عقول الناس وأفهامهم ، أو بسبب التقية ، فيفتون بعض الناس بالأحكام الواقعية وبعضهم بالتقية ويسكتون عن جواب بعضهم لمصلحة ما ، ويجيبون في تفسير الآيات وتأويلها وبيان الحكم والمعارف بحسب ما يحتمله عقل كل سائل ولهم أن يجيبوا ولهم أن يسكتوا كما ورد في أخبار كثيرة : عليكم المسألة وليس علينا الجواب ، كل ذلك بحسب ما يريهم سبحانه من مصالح الوقت.
وهذا أيضا مختص فقط بمحمد وعترته دون سائر الأنبياء والأوصياء حيث كان غير محمد والعترة مكلفين بعدم التقية في بعض الموارد وإن أصابهم الضرر ، وإن كانوا مكلفين بأن يكلّموا الناس على قدر عقولهم والتفويض بهذا المعنى أيضا حق ثابت بالأخبار المستفيضة وتشهد له الأدلة العقلية أيضا (١).
القسم الخامس :
التفويض بمعنى الاختيار في أن يحكموا عليهمالسلام بظاهر الشريعة أو بعلمهم وبما يلهمهم الله تعالى من الواقع ومنح الحق في كل واقعة كذا لهم الاختيار في الإعطاء والمنع حيث خلق لهم الأرض وما فيها وجعل لهم الأنفال والخمس والصفايا وغيرها ، فلهم عليهمالسلام أن يعطوا من شاءوا وأن يمنعوا من شاءوا ، وهذا المعنى حقّ يظهر من كثير من الأخبار (٢).
القسم السادس :
التفويض في الخلق والرزق والتربية والإماتة والإحياء هذا المعنى من التفويض قد اختلف فيه بين المحققين وإن كانوا لم يتوغلوا فيه بشكل دقيق بل
__________________
(١) مرآة العقول للعلّامة المجلسي : ج ٣ ص ١٤٥.
(٢) مرآة العقول : ج ٣ ص ١٤٦.