السادس : جوهر قديم لا تعلّق له بالمادة ذاتا أو فعلا.
والأخير من أسخف الأقوال ، وهو مردود جملة وتفصيلا وذلك لأنّ قدميته تستلزم تعدد القدماء وهو واضح البطلان ، أضف إلى أنه يؤدي إلى إنكار قيام الضرورة عند المسلمين كافة على حدوث العالم وإمكانه ومنه العقل ، فالقول بقدمه يستلزم ذينك المحذورين.
أما بقية الأقوال في تفسير العقل ففيها إشارات في إخبارات العترة الطاهرة عليهمالسلام ، وأصح تلك المعاني ، المعنيان الأولان ، وهما أكثر انطباقا على الأخبار من غيرهما.
وهذه المعاني المتعددة في تفسير العقل تدخل في تقسيمات العقل النظري ومراتبه ؛ وأما مراتب العقل العملي فتذكر عادة في كتب الأخلاق والعرفان ، وهي أربعة :
المرتبة الأولى : تهذيب الظاهر بإتيان الواجبات والاجتناب عن المنهيات ، ولا يقتصر فيها على الواجب وحده بل بتعداده إلى المستحب والمكروه.
المرتبة الثانية : تطهير الباطن عن رذائل الأخلاق حتى تصير النفس كالمرآة مجلوّة ، من شأنها أن يتجلّى فيها حقائق العلوم اليقينية.
المرتبة الثالثة : أن تشاهد المعلومات جلّها أو بعضها حسب توجهها لمبدإ الفيض.
المرتبة الرابعة : أن يفنى عن نفسه ويرى الأشياء كلّها صادرة عن الحق المتعال ، وراجعة إليه حيث يتخلق بأخلاق الله سبحانه ، لأن كثرة عكوف النفوس المتألهة على باب الله ومواظبتها على أفعال تشبه أفعال الله تعالى من الشفقة والعطف والرحمة على خلق الباري عزوجل ، ودعاء الخير على كل ذي روح ، والترفع عن الجسميات ، والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر من الأئمة المعصومين عليهمالسلام ، كل ذلك يعدّ تشبها به وتخلقا بأخلاقه تعالى كما ورد عن رسول الرحمة «تخلقوا بأخلاق الله» حتى يحصل للمتخلقين بكثرة التعلقات الروحانية والصفات الربوبية بتكرر المشاهدات مبدأ صوري في نفوسهم ، وقوة عقلية مشرقة بنور الله هي مبدأ أنوار المعقولات لأن كل جوهر له في كينونته قوة واستعداد لحصول أشياء مختلفة ، فبحسب كثرة الانفعالات تحصل الصور والمدركات الجوهرية هي مبدأ تلك الكثرة ، فإذا كانت الانفعالات نحو النور القدسي ، فلا بدّ أن تتلبس