ناتج عن الطلسمات وثالث أنه ناتج عن نفوسهم القوية ورابع أنه ناتج عن الأفلاك.
الطائفة الثانية : تنسب أعمالا خارقة للعادة لنفوس الأنبياء والأولياء.
فمن الطائفة الأولى :
قوله تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (الأعراف / ١١٧).
وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١)) (يونس / ٨٢).
فالآيتان تشيران إلى حقيقة واقعة هي أن أصحاب السحر يؤثرون حقيقة أو تخييلا على نفس الناظر ـ هذا بناء على المبنى القائل أنّ السحر ناتج عن النفوس القوية ـ فلنفس الساحر قوة تأثير في إيجاد السحر ، ولا شك ـ كما تثبته التجربة ـ أن لنفسه مدخلا في ذلك عن طريق فرض الإرادة (١).
مضافا إلى أن الآيتين تؤكدان عملية التأثير ولو لا ذلك لما قال سبحانه أنه سيبطل سحرهم لأنّ إبطال ما لا تأثير له يعدّ لغوا والله تعالى منزّه عنه ، فبهذا تعرف أنّ السحر يؤثر والرب جلّ جلاله يبطل سحرهم إذا ما تمسك العبد به متوكلا عليه عز اسمه.
ومن الطائفة الثانية :
١ ـ قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) (الأنبياء / ٨٢).
فالريح هي إحدى مصاديق الكون التي سخّرت للنبي سليمان حيث كانت تأتمر بأمره الذي هو أمر الله تعالى ، فإرادته عليهالسلام كانت نافذة في لطائف أجزاء الكون وهذه الإرادة هي التي نسمّيها بالإرادة التكوينية.
٢ ـ قوله تعالى : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ ...) (آل عمران / ٥٠).
فنفخ الروح في الطين على يد النبي عيسى عليهالسلام إنما هو نتيجة قدرات
__________________
(١) لاحظ ما وراء الفقه : ج ٣ ص ٥٩ للعلّامة الكبير الشهيد السيد محمد الصدر (قدّس سره).