الموانع الداخلية من الدواعي الحيوانية المذكورة.
الثالث : تلطيف السر للتنبيه وهو عبارة عن تحصيل الاستعداد لنيل الكمال فإنّ مناسبة السر مع الشيء اللطيف لا يمكن إلّا بتلطيفه ، ولطف السر عبارة عن تهيّئه واستعداده لأن تتمثل فيه الصور العقلية بسرعة.
قد تقول : ما هي الأسباب التي تساعد على هذه الرياضة بعناصرها الثلاثة؟
فالجواب :
إنّ ما يساعد على حصول الغرض الأول هو الزهد الحقيقي لا التزهد.
والغرض الثاني فمما يساعد على حصوله هو العبادة المشفوعة بالفكر وفائدة اقترانها بالفكر أن العبادة تجعل البدن تابعا للنفس ، فإن كانت النفس متوجهة إلى جانب الحق بالفكر صار الإنسان بشراشره مقبلا على الحق وإلّا صارت العبادة سببا للشقاوة كما قال سبحانه : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٥) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٦)) (الماعون / ٥ ـ ٦).
ومما يساعد على حصول الغرض الثالث أمران :
الأول : الفكر اللطيف وهو أن يكون معتدلا في الكيفية والكمية وفي أوقات لا تكون الأمور البدنية كالامتلاء والاستفراغ المفرطين وغيرهما شاغلة للنفس عن الإدراك العقلي فإنّ كثرة الاشتغال بمثل هذا الفكر تفيد النفس هيئة تعدّها لإدراك المطالب بسهولة.
الثاني : العشق العفيف.
تلخّص مما ذكرنا : أنّ للنفس الإنسانية طاقة هائلة قادرة على التصرف بما حولها بحسب ما وهبها الباري عزوجل من قدرة خلّاقة تكون الأشياء مسخّرة لها إذا ما اتصفت بالمبادئ الأولى ودخلت في أوائل عللها فأشرقت عليها الأنوار وغشّيت بنور الجبّار.
الأمر الثاني :
ومما يستدل على أن خوارق العادات نتيجة قوة روح النبي ما أشار إليه القرآن المجيد ضمن طائفتين من الآيات :
الطائفة الأولى : تنسب بعض الأعمال غير العادية لبعض نفوس السحرة ، وقد اختلف في مصدر سحرهم ، فمنهم من يقول أنه ناتج عن الجن وآخر يقول أنه