يقال إنّ صدور الخطأ سرّا لا يستدعي الاتباع ، بل العصمة نتيجة القرب منه سبحانه ولأنهعزوجل يعلم منذ الأزل أنهم لن يعصوه فعصمهم ذاتا.
الدليل الثالث :
لو صدرت من الأنبياء والأولياء عليهمالسلام الذنوب والخطايا وما شابه ذلك لوجب منعهم وزجرهم والإنكار عليهم لعموم أدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكنه حرام لاستلزامه إيذائه المحرّم بالإجماع ، مضافا إلى احتياجهم للرعية في التقويم والإرشاد وهذا خلف كون الرعية محتاجة إليهم فيستلزم ذلك الترجيح بلا مرجح أو تقديم المفضول على الفاضل وهما قبيحان لا يصدران من الحكيم المتعال.
الدليل الرابع :
لو صدرت منهم القبائح والذنوب لوجب لعنهم واستوجب ذلك توبيخهم وتوجه اللوم عليهم لقوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود / ١٩).
وهو باطل بالضرورة والإجماع لأنّ اللعن والتوبيخ يستدعيان النفور عن قبول دعوتهم فتسقط درجتهم من القلوب فتنتفي فائدة بعثتهم.
الدليل الخامس :
المعروف من سيرة الأنبياء أنهم يدعون الناس إلى البرّ والإحسان والتقوى فلو صدرت منهم القبائح لدخلوا تحت قوله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة / ٤٥) وهذا من أعظم المنفرات عن قبول دعوتهم لأنّ كل واعظ لم يعمل بما يعظ به الناس لا يرغب بالاستماع إليه.
الدليل السادس :
إنّ صدور الذنوب والقبائح نتيجة حتمية لإغواء إبليس اللعين لعباد الله تعالى ، ولو صدرت من الأنبياء والمرسلين الذنوب لدلّ ذلك على تسلّط إبليس عليهم في حين أن الله تعالى نفى أن يكون لإبليس سلطنة عليهم لقوله تعالى حكاية عنه : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٣) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٤)) (ص / ٨٣ ـ ٨٤) فلو عصى نبي ما لكان ممن أغواه إبليس ولم يكن من المخلصين لأنّ من عدا المخلص هو من التابعين لإبليس لقوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً