مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (سبأ / ٢١) والأنبياء والأوصياء من ذلك الفريق بالاتفاق.
الدليل السابع :
لو جاز على الأنبياء والأولياء الذنوب والقبائح لكانوا ظالمين ، والظالم لا يستحق أن يكون نبيا أو إماما لأنهما عهد الله تعالى ، وعهده لا يناله الظالمون كما قرّر ذلك تعالى بقوله: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فالآية دالة على أن الظالم لا يستحق نيل المقامات العظيمة التي منها النبوة والرسالة حيث يستفاد منها أن الظلم بشتى ألوانه وصوره وأزمانه وأحواله مانع من الوصول إلى مقام الخلافة الإلهية بحكم اللام الاستغراقية في «الظالمين» الدالة على العموم سواء كان إفراديا أم أحواليا لأنّ كلمة «الظالمين» عامة لم تخصّص بوقت دون وقت ، فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها فلا ينال الإمامة ظالم وإن تاب من بعد ظلمه ، من هنا يتبين بطلان ما ذهب إليه جمهور العامة لا سيما ما نقل عن الجصّاص في أحكام القرآن من أنّ الآية تشمل من كان مقيما على الظلم ، أما التائب عنه فلا يتعلق به الحكم أصلا.
ولو سلّمنا بما قاله الجصّاص فإنه منصرف إلى غير السفارة الإلهية ، للنكتة التي ذكرناها آنفا ولأن الإمامة عهد من الله تعالى فهو الذي يعيّن الإمام لا الناس ، ولأن العرف يعمّ الحكم لكل من تلبّس به ولو آنا ما ، وهذا بمثابة الحكم الذي يكفي فيه اتّصاف الموضوع بالوصف والعنوان ولو لحظة واحدة ، وإن انتفى بعد الاتصاف وهذا له شواهد كثيرة في فقه الشريعة مثلا :
لو أنّ رجلين تلبسا بالزنا والسرقة فيحكم عليهما بالحدّ وإن زال عنهما عنوان الزنا والسرقة بل وإن تابا وأنابا بعد ثبوت الحكم بحقهما ، فالتوبة عن الذنوب لا تسقط الآثار الوضعية عن المكلّف وإنما هي مسقطة للعقاب الأخروى فحسب ، ومن هذا القبيل تسنّم عرش الخلافة النبوية يشترط فيه أن لا يكون قد تلبّس بذنب سابق وإن تاب بعد ذلك عنه.
ومثله عنوان المستطيع ، فمن استطاع الحج يجب عليه وإن زالت عنه الاستطاعة وقصّر في أداء الحج.
وكذا عنوان «أمهات نسائكم» فمن اتّصفت بكونها أما لزوجة ولو للحظة تحرم على الزوج وإن زالت علقة الزوجية ، «وبالجملة : فالآية تستغرق جميع الظالمين وتسلب الصلاحية عن كل فرد فرد منهم ، وبالنتيجة تفيد بأن الظلم بأي