السابع :
لو جاز عليهم شيء من ذلك لأدّى إلى إضعاف هيبتهم وتنزيل مقامهم لا سيما عند أولئك الذين يتربصون بهم شرّا ويحاولون إظهار مثلبة واحدة للطعن عليهم والتشكيك بهم ، مع أنه خلاف هدف وغرض الحكيم من إرادة توقيرهم وتعظيمهم وفرض طاعتهم.
هذه أهم الأدلة العقلية على نفي صدور السهو والنسيان عن الأنبياء والأوصياءعليهمالسلام.
وأما الثاني :
الطريق الثاني لإثبات عصمتهم عن السهو والنسيان مبتن على الآيات والروايات ، مع التأكيد على مسألة عدم وجود محذور عقلي في ثبوت العصمة عن السهو والنسيان ، فيكون ثبوتها من الممكنات ، بل إنّ القول بعدم العصمة عنهما يترتب عليه المحاذير المتقدمة ، إضافة إلى عدم تحقق إجماع على وقوع السهو والنسيان مما يعطي المسألة عنصرا إضافيا يؤكد عدم صدورهما ـ أي السهو والنسيان ـ من السفراء عليهمالسلام.
والآيات التي أكّدت على لزوم العصمة الكاملة عديدة منها :
الآية الأولى :
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (آل عمران / ٣٤).
والاصطفاء افتعال من الصفوة ، والصفوة والصفاء بمعنى الخلوص من شوائب الكدر والأدناس ، ولا شك أن الخطأ والسهو والنسيان مصاديق حقيقية للكدر والنسيان ، فلو لم يكونوا مطهّرين من هذه الأدناس فلا معنى لأنّ يجعلهم أخيارا ظاهرا وباطنا ، سرّا وجهرا ، إضافة إلى أن الاصطفاء إذا لم يكن بمعنى إذهاب الشك والسهو والنسيان فأي شيء حينئذ يكون هذا الاصطفاء؟! مضافا إلى أن الله تعالى لا يمكن أن يصطفي المذنبين الملوثين بجميع أنواع المعاصي والبعد عن جنابه ومن مصاديقه السهو والنسيان بل لا بد أن يقع اختياره على المطهرين المعصومين.