وأمّا سمعا فما أشار إليه سبحانه بقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي ...) (١).
وقال الخواجة نصير الدين الطوسي (قدّس سره) :
يجب أن يتّصف النبي بكمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو وكلّما ينفّر عنه من دناءة الآباء وعهر الأمهات والفظاظة والأبنة (العيب) وشبهها ، والأكل على الطريق وشبهه (٢).
... وقد استدلّ المظفر (قدسسره) على تنزيه الأنبياء عن المعايب الجسدية والنفسية بدليلين مختصرين :
الأول : التنفير الدالّ على أنّ هذه الأمور مما توجب تنفير الناس عنهم ، ومعه لا يحصل الانقياد التامّ وهو نقض للغرض الذي من أجله بعث الله سبحانه الأنبياء والأوصياءعليهمالسلام.
وهذا الدليل اعتمده أكثر المتكلمين لذا قال المحقق اللاهيجي :
«نزاهة النبي عن الصفات المنقّصة والأخلاق الرذيلة والعيوب والأمراض المنفّرة ، معتبرة لكون ذلك داعيا إلى قبول أوامره ونواهيه ، والانقياد له والتأسي به فيكون أقرب إلى الغرض المقصود من البعثة ، فيكون لطفا لا محالة واجبا لا يجوز على الله تركه (٣).
وهذا الدليل اعتمده السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء وإثبات عصمتهم قبل النبوة وبعدها من الصغائر والكبائر وتبعه الآخرون.
وحيث إن الدليل عام لا يختص بالعصمة عن الذنوب ، استدلّوا به على نزاهة الأنبياء من المنفّرات ولو لا لم تكن من الذنوب كالعيوب والأمراض المنفّرة ودناءة الآباء وعهر الأمهات والفظاظة والاشتغال بالصنائع الموهنة والمبتذلة وغير ذلك والمصنّف لم يتعرّض إلى المنفّرات الجسدية أو الخلقيّة ، وإنما اقتصر على المذكرات النفسية والعقلية التي لا بدّ أن يتصف بها مطلق نبي ، وكان عليه أن يذكر تنزه النبي عن الأمراض المنفّرة والعيوب الخلقيّة ، وكل ما ينفّر عنه ، وبدليل التنفير ننفي ما روي عن النبي أيوب عليهالسلام من أنه أصيب بجسده حتى أصابته
__________________
(١) شرح الباب : ص ٨٥ ط. دار الأضواء.
(٢) كشف المراد : ص ٣٧٦.
(٣) بداية المعارف الإلهية : ج ١ ص ٢٧١.