من الآيات التي تثبت الأصالة للروح :
الآية الأولى :
قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (آل عمران / ١٧٠ ـ ١٧١).
الآية المباركة واضحة الدلالة في وصف حال جماعة قتلوا في سبيله تعالى فإنّهم يرزقون ويستبشرون بمن لم يلحق بهم ممن هم على شاكلتهم في التقوى والصلاح والخير ، متمنين أن يقدموا عليهم ليروا النعيم الدائم.
وليس في الآية إشارة إلى أن غير الشهداء ليسوا أحياء وذلك لأنّ الآية في معرض المديح لمن استشهد في سبيله ، ولا تعرّض لها لغيرهم من باب : كأنّ الشهداء هم الأحياء حقيقة دون غيرهم لما في استشهادهم في سبيله من علوّ الدرجات والزلفى لديه تعالى.
فمدلول الآية الكريمة بقاء روح الإنسان بعد موت الجسد ونظيرها قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) (البقرة / ١٥٥).
قال العلّامة الطباطبائي (قدسسره) :
«معنى الآية والله أعلم لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات ولا تعتقدوا فيهم الفناء والبطلان كما يفيده لفظ الموت عندكم ، ومقابلته مع الحياة ، وكما يعين على هذا القول حواسكم فليسوا بأموات بمعنى البطلان بل أحياء ولكنّ حواسكم لا تنال ذلك ولا تشعر به وفي الآية دلالة واضحة على حياة الإنسان البرزخيّة ...» (١).
هذه صفة الشهداء ، أما صفة المعذّبين فكما في قوله تعالى : (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (غافر / ٤٦ ـ ٤٧) ، فحكم سبحانه على آل فرعون ومن عمل بنهجهم واتّصف بصفاتهم الدخول في نار جهنم يعرضون عليها صباحا ومساء قبل يوم القيامة ، بشهادة ذيل
__________________
(١) تفسير الميزان : ج ١ ص ٣٤٧ ط بيروت.