للكتابي حقيقة نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، كما يظهر له أنّ عيسى عليهالسلام نبي من أنبيائه تعالى وأنّ شريعته كسائر الشريعة الإلهيّة الّتي هي على حقّ ، وأنّها في طريق الاستكمال والكمال حسب ما تقتضيه الظروف والأعصار. إذا لا منافاة بين الروايات ، وقد تقدّم منّا مكرّرا أنّ الأديان السماويّة إنّما نزلت لأجل إنقاذ البشرية من الشقاء والعذاب واستكمالها ، واختلافها إنّما يكون حسب اللياقة والاستعداد ، وإلّا فالواقع والحقيقة لا اختلاف فيها.
وفي تفسير العياشي أيضا عن ابن سنان عن الصادق عليهالسلام : «في قول الله تعالى في عيسى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) فقال : إيمان أهل الكتاب إنّما هو لمحمّد صلىاللهعليهوآله».
أقول : تقدّم الوجه في ذلك من أنّ الإيمان بعيسى عليهالسلام يستلزم الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، وأنّ شريعة عيسى عليهالسلام الواقعيّة لا تخالف شريعة محمّد صلىاللهعليهوآله لأجل مصالح كثيرة ، وأنّ المؤخّر من الأديان امتداد لما سبق منها.
وفي تفسير العياشي عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) قال : «ليس من أحد من جميع الأديان يموت إلّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام حقّا من الأولين والآخرين».
أقول : الإمام عليهالسلام في مقام التشبيه والتمثيل ، ولا يستفاد منها أنّه في مقام التطبيق والتفسير ، وقد دلّت روايات كثيرة على أنّ المؤمن يرى أولياء الله تعالى عند نزع الروح أو في عالم البرزخ.
وفي تفسير العياشي أيضا عن المفضّل بن عمر قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) فقال : «هذه نزلت فينا خاصّة ، أنّه ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتّى يقرّ للإمام بإمامته كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف حين قالوا : تالله لقد آثرك الله علينا».
أقول : ظهر وجه هذه الرواية ممّا تقدّم في الرواية السابقة ، وأنّها من باب