الى المقام السامي الّذي خصّه الله تعالى به ، كتكليف الجهاد بالنسبة الى من ثبتت شرائطه له أو التهجّد بالنسبة الى نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فإنّ كلّ شيء له خصوصية.
وثانيا : فرق بين الفدائين فإنّ فداء إبراهيم لولده لأجل الوصول الى المقام الأعلى ، فإبراهيم وولده عليهماالسلام نالا تلك المنزلة بالعمل الخاصّ المأمور به أي كائن وضعي له ، لا لأجل نفي الجزاء الّذي يستحقّه غيرهما كما تقول النصارى بالنسبة الى عيسى عليهالسلام ، وسياق الآيات المباركة يدلّ على ما ذكرناه.
ومنها : أنّ من يعتقد بهذه العقيدة يقول إنّها لا تفيد إلّا إذا آمن بها الناس ، فلم ينفعهم الصلب والفداء إذا كانوا كافرين بها ، فيردّ عليهم :
أوّلا : فما حال الأقوام الّتي قد خلت من قبل عيسى عليهالسلام ، الّذين لم يعرفوه ولم يعتقدوا بهذه العقيدة.
وثانيا : أنّها لا تفيد لبقية الأقوام الّتي لم تعتقد بهذه العقيدة ، فيختصّ الفداء بأفراد معدودين ، فليس هو فداء لجميع البشر.
ثمّ إنّ بعد مصادمة هذه العقيدة للعقل والأدلّة العقليّة الكثيرة كما عرفت ، فهل ينفع مثل هذه العقيدة الباطلة؟ وهل تسمّى مثل ذلك عقيدة وإيمانا يرفع أهمّ أمر عن الإنسان وهو الجزاء الّذي استحقّه بعمله؟! فالثاني ثابت بدليل قطعي يحتاج رفعه الى دليل قطعي آخر.
ومنها : أنّ الاعتقاد بهذه العقيدة يستلزم الجرأة على الله تعالى وعلى ارتكاب المعاصي والآثام ، فإنّ من أمن من الجزاء والمؤاخذة على أعماله هانت عليه جميع المعاصي فيرتكب جميع الشرور والآثام ، وهو يستلزم الإباحيّة المطلقة ، وهذا ممّا فرضه جميع الملل والأديان.
ومنها : أنّ القول بها يستلزم مساواة المجرم وغير المجرم ، وكونهما على حدّ سواء ، فإنّ من اعتقد بهذه العقيدة تغفر ذنوبه كلّها ، فكأنّما ليس له ذنب ، ومن لم يرتكب ذنبا وكان صالحا ليس له ذنب فصارا سيان في هذا الأمر ، فإن قالوا : يعذّب المجرم على شروره وخطاياه ، يقال لهم : فما فائدة هذه العقيدة. وإن قالوا : إنّه