وعن بعض الحكماء أنّ العقل الأوّل ليس إلّا نفوسهم القدسية وباقي النفوس تتشرّف بالقرب إليه بالإفاضة من المعارف إليهم ، أو التقرّب إليه تعالى بهدايتهم ، أو استكمال نفوسهم بالإلهام منه عزوجل بواسطة تلك النفوس المعبّر عنها بالعقل الأوّل.
وكيف كان ، فلا إشكال في قدسية نفوسهم وتفوّقها على البقيّة ؛ ولذا يحصل لهم المعراج الجسماني لقرب نفوسهم به تعالى وتربية أجسامهم بالتربية الرحمانيّة وتوطّن تلك الأرواح في تلك الأجسام ، وسيأتي في الآيات المناسبة تفصيل الكلام.
وأمّا نفس نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فهي في مقام جمع الجمع ومظهر للاسم الجامع الإلهي أصالة ، فإنّ الكمالات والمعارف تفاض منها ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآله : «أوّل ما خلق الله نوري» ، وعنه صلىاللهعليهوآله أيضا : «أنا أبو الأرواح وأنا من نور الله والمؤمنون فيض نوري» ، فيستفاد منه أنّ الأرواح المقدّسة وارثة أوليّة منه ، وأنّ الأبوة هنا بمعنى الأشرفيّة والأكمليّة ، ويستفاد ذلك من بعض الآيات الشريفة كما يأتي ، فأقرب النفوس والأرواح الى نفس الأقدس هي نفوس المؤمنين حسب درجاتهم ، وهذا بحث دقيق شريف نتعرّض له مفصّلا إن شاء الله تعالى ، وإنّ قل الطالب له في هذه الأعصار.