عليه صلىاللهعليهوآله ، وبيان أنّ ما أنزله من الوحي عليه إنّما كان مثل ما اوحي الى النبيين من قبله ، فمن أعرض بعد وضوح الحجّة ، فإنّما يكون إعراضه عن ضلال ، وكفره عن عناد ولجاج.
والمعنى : أنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب بما انزل إليك ، وصدّوا عن الحقّ بإنكار نبوّتك وكلّ ما يوجب السلوك الى رضوان الله تعالى ، وحملوا غيرهم على الإعراض والتشكيك والتمويه وتلبيس الحقّ بالباطل ، والمراد بسبيل الله هو بعثة خاتم الأنبياء ورسالته والكتاب الّذي انزل عليه وكلّ ما اوحي إليه من التشريعات والتوجيهات والحكم والمعارف.
وإنّما ذكره عزوجل بدل الكتاب ؛ للدلالة على أنّه من طرق الحقّ ومن سبل رضوان الله تعالى ، وهذه شهادة اخرى على حقيقته ، وليشمل ما ورد في كتبهم من الأدلّة على نبوّة نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله والبشارة ببعثته الّتي حرّفوها وأوّلوها بالباطل ، ولبيان شناعة فعلهم بصدّهم عن سبيل الله تعالى مع ادّعائهم الإيمان به عزوجل ، ولترتيب الجزاء العظيم على فعلهم الّذي يذكره في الآية اللاحقة.
قوله تعالى : (قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً).
أي : فقد بعدوا عن الحقّ وسلوك طريق الهدى بعدا شاسعا بالكفر والصدّ عن سبيل الله تعالى.
وإنّما كانوا على الضلال البعيد ؛ لأنّهم كفروا وصدّوا وضلّوا وأضلّوا ، ولأن كفرهم كان بعد وضوح الحجّة وإلزامهم بها ، فكان عن عناد للحقّ واستكبار عن قبوله ، فكان ضلالهم بعيدا عن قبول كلّ ما يرشدهم الى الصراط المستقيم ، فقد استولى الكفر على سمعهم وأبصارهم ولم يكادوا يفقهون سبيلا يوصلهم الى الحقّ.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا).
تأكيد لما ورد في الآية الكريمة السابقة ، وتثبيت لمضمونها لأهمّيّته ، والمراد بالظلم هو الكفر والصدّ عن سبيل لله تعالى ، فقد احتملوا ظلما كبيرا بصدّهم عنه وإضلال غيرهم عن الوصول الى الحقّ بكتمانه وتحريفه وتمويهه ، فتكون الآية