وقال آخرون : باتّحاد الكلمة بجسد المسيح فولدت مريم العذراء عليهاالسلام إلها أزليا ، وانقلبت الكثرة وحدة ، فالمسيح ناسوت كلّي لا جزئي ، وهو قديم أزلي ، وهذا القول هو المعروف بينهم باتّحاد اللاهوت بالناسوت.
وقال ثالث : بأنّ الاتّحاد كان بمعنى الامتزاج كامتزاج الخمر بالماء.
وقال رابع : بأنّه كان بمعنى الإشراق ، أي : أرقت كإشراق الشمس من النور وهو قول بعض حكمائهم.
وقال جمع آخر : بأنّ الاتّحاد لم يبطل الأزليّة ، فالمسيح إله تامّ ، وإنسان تامّ ، وهما قديم وحادث والاتّحاد غير مبطل لقدم القديم ولا لحدوث الحادث ، والقتل وقع على الناسوت دون اللاهوت.
وقال جمع آخر : إنّ الكلمة انقلبت لحما ودما ، فصار الإله هو المسيح ، ورووا عن يوحنا أنّه قال في صدر إنجيله : إنّ الكلمة صارت جسدا وحلّت فينا.
وقال جمع منهم : إنّ اللاهوت ظهر بالناسوت بحيث صار هو هو ، وذلك كظهور الملك لمريم العذراء عليهاالسلام المشار إليه في القرآن الكريم : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [سورة مريم ، الآية : ١٧].
وقال بعضهم : بالتركب ، أي : جوهر الإله القديم وجوهر الإنسان المحدث تركبا كتركب النفس الناطقة مع البدن فصار جوهرا واحدا ، وهو المسيح وهو الإله ، فيقولون : صار الإله إنسانا وإن لم يصر الإنسان إلها ، وإن مريم ولدت إلها والقتل والصلب وقعا على اللاهوت والناسوت جميعا ، إذ لو كان على أحدهما لبطل الاتّحاد.
ومنهم من قال : بالاتّحاد بين اللاهوت والناسوت على نحو الظهور ، فلم ينتقل من اللاهوت الى الناسوت شيء ولا حلّ فيه ، وذلك كظهور نقش الطابع على الشمع والصور المرئية في المرآة ، فإنّ القول بهذا النحو من التجسّد ممّا أوجب القول بالوهيّة المسيح ، بلا فرق في القول بين الاتّحاد أو الحلول أو التركّب ، ولشدّة ارتباط بينه عليهالسلام وبين مريم العذراء ، فقد ادّعى الألوهيّة فيها ، وهذا هو المحكي في