كلّه أيضا لما عرفت ، ولأنّه لو كانت هناك فريضة اخرى لهذين القسمين لذكرت في الآية الشريفة ؛ لأنّها في مقام البيان.
ولا يخفى أن إرث هؤلاء مشروط بالانفراد والوحدة ، وإلّا فالحكم يختلف كما سيبيّنه عزوجل في ما يأتي.
قوله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ).
عطف على الشرطيّة الاولى ؛ لبيان سهم الأختين فصاعدا ، فلهن الثلثان ممّا تركه الميت ، سواء كان أخا للوارث أم أختا له ، كما عرفت آنفا. وإنّما ذكر عزوجل اثنتين دون الأختين وغيره ؛ لأنّ العبرة بالعدد.
واستشكل بعضهم في الإخبار عن ضمير التثنية «كانتا» بالاثنتين ؛ لأنّ الخبر لا بدّ أن يفيد ما يفيده المبتدأ ، وضمير التثنية دالّ على الاثنينية ، فلا يفيد الإخبار عنه بما ذكر شيئا.
وأجيب عنه بوجوه عديدة لا تخلو أغلبها عن المناقشة ، كما لا يخفى على من راجعها.
والحقّ أن يقال : إنّ اثنتين حال مؤكّدة ، ولبيان أنّ العبرة بالعدد والخبر محذوف ، أي : فإن كانت الأختان الوارثتان له اثنتين أو أكثر ، هذا كلّه حكم صورتي الانفراد والتعدّد من كلالة الأب لكن مع الوحدة. وبغير زوج أو زوجة كما هو المفروض في جميع ما تقدّم.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
بيان لحكم التعدّد والاختلاف ، أي : وإن كان من يرث إخوة من الكلالة وأخوات رجالا ونساء ، فللذكر مثل حظ الأنثيين ، فإنّه القاعدة في باب الإرث في ما إذا اجتمع الذكور والإناث من الوارث ، فللذكر مثل حظ الأنثيين ، إلّا ما خرج بالدليل كما ذكرنا في الإرث من كتابنا (مهذب الأحكام).