وأخرج الثعالبي عن ابن عياش : «انّ عبد الله بن سلام وأسدا وأسيدا ابني كعب ، وثعلبة بن قيس وسلام ابن أخت عبد الله بن سلام ، وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا رسول الله إنّا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزير ، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بل آمنوا بالله ورسوله محمّد وكتابه القرآن وبكلّ كتاب كان قبله ، فقالوا : لا نفعل ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) قال : فآمنوا كلّهم».
أقول : الرواية مطابقة للواقع ، لأنّ الكتب السماويّة منزلة من الله عزوجل وكلّ ما نزل منه تعالى لا بدّ من الإيمان به إلّا إذا نالته يد التحريف فتسقط الكتب عن شأنها ، فالاعتقاد بالتوراة والإنجيل الواقعي كالاعتقاد بالقرآن ، فلا فرق بينهما من جهة القداسة والاعجاز والحجيّة.
وفي أسباب النزول للواحدي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) قال : «نزلت في النبي صلىاللهعليهوآله اختصم إليه غني وفقير ، وكان ضلعه مع الفقير ، رأى أنّ الفقير لا يظلم الغني ، فأبى الله تعالى إلّا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) حتّى بلغ (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما)».
أقول : الرواية ـ على فرض صحّة السند ـ لا تنافي العصمة الثابتة في الأنبياء عليهمالسلام ؛ لأنّ رجحان النبيّ صلىاللهعليهوآله الفقير على الغني كان لمصلحة ظاهريّة يراها النبي صلىاللهعليهوآله حتّى نزلت الآية المباركة وانتهى أمد تلك المصلحة ، فالمصلحة كانت وقتيّة لا دائميّة.
وكيف كان ، فالرواية من باب التطبيق والجري لا من باب التخصيص.