تقدّم مكرّرا ، فعن علي عليهالسلام في تعريف قدرته تعالى : «لا يعجزه شيء» ، وفي إحاطته تعالى : «لا يمنعه شيء» ، وفي حياته : «لا يموت» ، وفي قيموميته : «لا وجود ولا دوام إلّا به» وهكذا.
وتدلّ على ما تقدّم من أنّ الكمال المطلق منحصر به تعالى وأنّ صفاته جلّ شأنه عين الكمال الحقيقي بالأدلّة العقليّة والنقليّة.
أمّا الاولى ، فهي كثيرة ، أهمّها هو : أنّه تعالى جامع لجميع الصفات الكماليّة. فلا يعقل كمال فوق ذلك ، وإلّا استلزم الخلف أو النقص الّذي في حقّه محال.
وأنّ الكمالات كلّها فيوضات ترجع إليه تعالى وتصدر منه ، فلا يعقل أن يكون معطي الشيء فاقدا له.
على أنّه لا تحديد لقدرته فتتعلّق القدرة بما سواه ، فكلّ كمال تحت قدرته وذاته فوق الكمال ؛ ولذا قال بعضهم : سلب الكمال في حقّه محال.
مع أنّه خالق كلّ شيء ، فمقتضى إيجاده لكلّ شيء أن يكون جامعا للكمالات ، وأنّها ترجع إليه سبحانه وتعالى ، وإلّا استلزم الخلف ولا يكون خالق كلّ شيء ، وقد ثبت في محلّه أنّه جلّ شأنه بوحده خالق كلّ شيء ، وفي الحديث : «نعمتان ما خرج موجود عنهما ، نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد» ، وهناك أدلّة اخرى مذكورة في المفصّلات من الفلسفة الإلهيّة.
واما الأدلّة النقليّة ، فهي كثيرة ، أهمّها هي : الآيات الشريفة الدالّة على نفي الشريك بتعابيرها المختلفة ، فإنّها تدلّ على نفي الشرك في الذات وفي الصفات ، وهذا عين الكمال الحقيقي ، وإفاضة الكمالات منه إلى العوالم وإضافة كمالاتها إليه كمال آخر منحصر به تعالى.
وكذا قوله تعالى : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [سورة النساء ، الآية : ١٣٩] ، فالعزّة بمعناها الوسيع غير المتناهي له جلّت عظمته ، فتشمل جميع الكمالات ؛ لأنّها من أجلى مصاديق العزّ ، وبمقتضى الحصر في الآية المباركة تكون الكمالات كلّها له ومنه وإليه.