وكذا قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران ، الآية : ٢٦] ، فالملك بمعناه العامّ وبمراتبه اللامحدودة تحت إرادته ، وكذا الخير ، وهما من أسمى الكمالات. والآيات المباركة الدالّة على ذلك كثيرة جدا.
ثمّ إنّ صفات الذات كالعلم والحياة ، والقيّوميّة وغيرها هي الكمال الحقيقي وإليها ترجع الكمالات كلّها في جميع العوالم ، وهذا ممّا لا شكّ فيه.
وأمّا صفات الفعل كالرزق ، والخلق ، والهبة ، والرحمة ، والغفران ، والعذاب كلّها من الكمال المطلق ؛ لأنّها من مظاهر أسمائه المنحصرة به جلّ شأنه ، واتّصافها بالوجود والعدم لا يضرّ بالمقام.
وإنّ ما سواه تعالى من الكائنات كلّها متّصفة بنوع من الكمال ، وهو الوجود الّذي هو الأصل لإضافتها إليه تعالى بالإيجاد.
وما اتّصفت منها بالحياة بمراتبها وأقسامها غير المتناهية لها نوع آخر من الكمال يعبّر عنه بالكمال العامّ ، وما كان فيها من الآثار والخواص كان لها كمال خاصّ حسب لياقتها وقابليتها.
وأمّا ما أفاض على الإنسان من العقل ـ الّذي يدرك به ويفكر ويرتقي ـ فيعبّر عنه بالكمال الأخصّ ، ولهذا الكمال مراتب حسب شرف القرب إليه تعالى وبعده ، كما أنّ ما أفاض على الأولياء والأنبياء هو من أشرف الكمالات حسب استعدادهم ولياقتهم.
وإنّ الشرائع الإلهيّة والتكاليف السماويّة والكتب المنزلة على الأنبياء كلّها من الكمالات النازلة من الربّ الجليل ؛ لاستكمال نفس الإنسان والرقي بها الى المقامات العالية ، وكذا العلوم بأقسامها.
ثمّ إنّ الأديان السماويّة الّتي نزلت لأجل تهذيب النفوس وإيصالها الى السعادة وإخراجها من الظلمات الى النور ، لا بدّ فيها من الاستعداد والأهليّة في