دراج المتقدّمة ، ولكن أوهنها إعراض المشهور ، ومخالفتها لما تقدّم من القاعدة «كلّ حيوان غير ممتنع لا يحلّ إلّا بالتذكية» ، فلا بدّ من ردّ علمها الى أهلها. والله العالم.
وفي الكافي بإسناده عن الحلبي قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : كان أبي يفتي وكان ينفي ونحن نخاف في صيد البزاة والصقور ، فأمّا الآن فإنّا لا نخاف ولا يحلّ صيدها إلّا أن تدرك ذكاته ، فإنّه في كتاب علي عليهالسلام أنّ الله عزوجل قال : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) في الكلاب».
أقول : هذه الرواية شارحة لجميع الروايات الدالّة على حلّية الصيد بجوارح السباع من أنّها صدرت عن تقيّة ، ولمانع لم يتمكّن الإمام عليهالسلام بيان الحكم الواقعي فيها.
وفي تفسير العياشي عن حريز عن الصادق عليهالسلام قال : «سئل عن كلب المجوس يكلّبه المسلم ويسمّي ويرسله؟ قال : نعم إنّه مكلّب ، إذا ذكر اسم الله عليه فلا بأس».
أقول : مقتضى الأصل والإطلاقات الواردة في الكتاب والسنّة عدم اعتبار إسلام صاحب المكلّب. نعم يعتبر أن يكون مرسل الكلب مسلما أو بحكمه ، كالصبي الملحق به ، فلو أرسله كافر بجميع أنواعه أو من كان بحكمه كالخوارج وغيرهم ، لم يحل أكل ما يقتله ؛ لأنّ الصيد تذكية فيعتبر فيه كلّ ما يعتبر فيها.
وفي السنن الكبرى للبيهقي بإسناده عن أبي رافع قال : «جاء جبرئيل الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستأذن عليه ، فأذن له فابطأ فأخذ رداءه فخرج ، فقال : قد أذنا لك! قال : أجل ولكنّا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو ، قال أبو رافع : فأمرني أن أقتل كلّ كلب بالمدينة ففعلت ، وجاء الناس فقالوا : يا رسول الله ، ماذا يحلّ لنا من هذه الامة الّتي أمرت بقتلها؟ فسكت النبي صلىاللهعليهوآله فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أرسل الرجل كلبه وذكر اسم الله فأمسك عليه ، فليأكل ما لم يأكل».