وقال سبحانه وتعالى : (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ* وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [سورة فصلت ، الآية : ١٩ ـ ٢١].
وثانيا : على فرض العموم في الآية الشريفة أنّ المسؤولية فيها باعتبار الروح أو النفس الّتي تعلّق بها ، فالمدار على الإرادة مع العمل ، وإلّا فنفس العضو لم يكن مسئولا لو صدر منه العمل بلا إرادة أو لا اختيار ، ويدلّ على ما ذكره قوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها* قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) [سورة الشمس ، الآية : ٧ ـ ٩] وغيره من الآيات الشريفة.
الثاني : ورد فيها الاستماع ، وهو قصد السماع الى ما حرّمه الله تعالى أو ما أسخطه. أما لو سمع ـ أي بلا قصد منه ـ فلا يشمله الحكم ، لفرض عدم الإرادة وفقدان القصد.
الثالث : إحراز عنوان ما حرّمه الله تعالى أو ما أسخطه ، فلو شكّ في تحقّق العنوان فلا يشمله الحكم المذكور في الآية المباركة.
الرابع : أنّ التكاليف ـ ومنها النواهي ـ متقوّمة بالعلم والاختيار ، ففي حالة الجهل أو النسيان والاضطرار لا يتنجّز التكليف ، كما يستفاد ذلك من قوله تعالى : (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [سورة الانعام ، الآية : ٦٨] وغيره من الآيات الشريفة.
الخامس : أنّ ارتكاب المناهي والمحرّمات ظلم على النفس ؛ لإخراجها باختياره عن الفطرة المستقيمة وكسب استحقاق العقاب لها كما ذكرنا ذلك مكرّرا.
الكشي في رجاله بإسناده عن محمّد بن عاصم قال : «سمعت الرضا عليهالسلام يقول : يا محمّد بن عاصم ، بلغني أنّك تجالس الواقفيّة ، قلت : نعم جعلت فداك ، أجالسهم وأنا مخالف لهم ، قال عليهالسلام : «لا تجالسهم ، قال الله عزوجل : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ