حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) يعني بالآيات الأوصياء والّذين كفروا يعني الواقفية».
أقول : الرواية من باب التطبيق ، والنهي عن المجالسة معهم إمّا من باب حرمة إعانة الظالم في ظلمه ، أو من باب وجوب النهي عن المنكر عملا. والواقفية طائفة من الشيعة وقفوا على موسى بن جعفر عليهماالسلام ، وقد ورد عن أبي الحسن الرضا (سلام الله عليه) التشنيع في حقّهم وذمّهم كثيرا ، وله مراتب كما مرّ.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسّمه عليها ، فليس من جوارحه جارحة إلّا وقد وكّلت من الإيمان بغير ما وكّلت أختها ، فمنها : أذناه اللتان يسمع بهما ، ففرض على السمع أن يتنزّه عن الاستماع الى ما حرّم الله وأن يعرض عمّا لا يحلّ له فيما نهى الله عنه ، والإصغاء الى ما أسخط الله تعالى فقال في ذلك : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) ، ثمّ استثنى موضع النسيان. فقال : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، وقال تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) ، وقال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ، وقال تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) ، وقال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) ، فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان ولا يصغي الى ما لا يحلّ وهو عمله وهو من الايمان».
أقول : تقدّم في الرواية السابقة ما يتعلّق بفرض الإيمان على الجوارح وبسطه عليها ، والآيات الكريمة المذكورة فيها كلّها من باب ذكر أحد المصاديق ، والرواية من باب التطبيق.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ