أقول : إنّ ما يستفاد من هذه الروايات والآيات المباركة أنّ الله تبارك وتعالى يحبّ الحقيقة والواقع في كلّ شيء ويبغض العمل المزدوج والمكر والخديعة في كلّ أمر ، ومن خادع معه جلّ شأنه يجازيه حسب عمله ويخلع منه الإيمان الفطري ، فلا يستقيم في مناهجه ولا يثبت في عقيدته ، فيكون في التذبذب دائما ؛ لأنّه يضمر شيئا ويظهر شيئا آخر ، فتكون نفوسهم في الشقاء الدائم والعذاب المستمر حتّى في الدنيا فكيف بالآخرة؟! ولا يتنعّمون في الدارين ، والاختلاف في الأسماء لعلّه من باب الاختلاف في الجزاء والبعد عنه عزوجل.
وفي الدرّ المنثور أخرج ابن المنذر عن علي عليهالسلام قال : «لا يقل عمل مع تقوى ، وكيف يقل ما يتقبّل؟!».
أقول : التقوى والإخلاص في العمل بمنزلة الروح في الجسد ، فالعمل إن لم يكن فيه إخلاص وتقوى ، لم يكن له وزن أصلا وإن كان في غاية الكثرة ، ولو كان فيه إخلاص فهو كثير ويدوم ويبقى ولو كان العمل قليلا ، ولو وقع العمل مورد قبوله تعالى فهو يزكي وينمو ، كما يدلّ عليه كثير من الآيات الشريفة والروايات المعصوميّة.
وفي سنن البيهقي عن أنس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تلك صلاة المنافق ، يجلس ويرقب الشمس حتّى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا ، لا يذكر الله إلّا قليلا».
أقول : ما ذكره صلىاللهعليهوآله كناية عن الاستخفاف بالصلاة وعدم توقيرها. وإتيان مجرّد هيئة عجفاء ، لأنّها لم تنبعث عن نفس مطمئنة بالإيمان.
ولعلّ المراد من ذيل الحديث : «قرني الشيطان» التشبيه ، فكما أنّ الإنسان ينادي ويخاف من القرن الّذي في جانبي رأس الحيوان ، فكذلك من الشيطان لأنّه يبثّ جميع قوّاده وأعوانه عند طلوع الشمس ويجمعهم عند غروبها ، ففي الوقتين يحتاج الى القوّة فيكون كالحيوان الّذي يجمع قواه في رأسه للدفاع عن نفسه أو لفريسته.