فاقصد ذلك ، ثم ابتدىء (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) قال تعالى في الذين يبايعون الرسول إنما يبايعون الله ، فأنزله منزلته ، ف (اللهُ أَعْلَمُ) موجه ، له وجه بالخبرية إلى (رُسُلُ اللهِ) ، وله وجه بالابتداء إلى (أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ، وكلا الوجهين حقيقة فيه.
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (١٢٥)
(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) كأنما يخرج عن طبعه ، والشيء لا يخرج عن حقيقته.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٢٦)
(وَهذا) إشارة إلى ما تقدم ذكره (صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) وما ذكر إلا إرادته للشرح والضيق ، فلا بد منهما في العالم ، لأنه ما يكون إلا ما يريد ، وأضاف الصراط إلى الاسم الرب لاستدعائه المربوب ، وجعله مستقيما ، فمن خرج عنه فقد انحرف وخرج عن الاستقامة ، وصراط الرب لا يكون إلا مع التكليف ، فإذا ارتفع التكليف لم يبق لهذا الصراط عين وجودية.
(لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢٧)
(لَهُمْ دارُ السَّلامِ) هي دار لا يمسهم فيها نصب ، فهم فيها سالمون.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ