الكاذب ، وليس الفحش إلا ما ظهر ، وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له. واعلم أن أعظم فاحشة باطنة هو اعتقاد العبد الربوبية لنفسه ، ولما حرّم الله ذلك ، ختم على كل قلب أن تدخله ربوبية الحق فتكون نعتا له ، فما من أحد يجد في قلبه أنه رب إله ، بل يعلم كل أحد من نفسه أنه فقير محتاج ذليل ، فجعل البواطن كلها في كل فرد فرد مختوما عليه أن لا يدخلها تأله ، ولم يعصم الألسنة أن تتلفظ بالدعوى بالألوهية ، ولا عصم النفوس أن تعتقد الألوهية في غيرها ، بل هي معصومة أن تعتقدها في نفسها لا في أمثالها ، لأنه ما كل أحد عالم بالأمور على ما هي عليه ، ولا يعلم كل أحد أن الأمثال حكمها في الماهية واحد.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤)
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) وهو الموت الاضطراري في العموم والعرف (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) على تلك الساعة فهي الآجال في الأشياء.
(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧) قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ