غافِلِينَ) فللطبيعة القبول ، وللحق الوهب والتأثير.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤٧) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ) (١٤٨)
لما علم السامري أنّ حب المال يلصق بالقلوب صاغ لهم العجل بمرأى منهم من حليهم ، لعلمه أن قلوبهم تابعة لأموالهم ، فسارعوا إلى عبادته حين دعاهم إلى ذلك ، وإنما كان عجلا ، لأن السامري لما مشى مع موسى عليهالسلام في السبعين الذين مشوا معه ، كشف الله عنه غطاء بصره ، فما وقعت عيناه إلا على الملك الذي على صورة الثور ، وهو من حملة العرش ، لأنهم أربعة ، واحد على صورة أسد ، وآخر على صورة نسر ، وآخر على صورة ثور ، ورابع على صورة إنسان ، فلما أبصر السامري الثور تخيل أنه إله موسى الذي يكلمه ، فصور لهم العجل وقال : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) وصاغه من حليهم ليتبع قلوبهم أموالهم ، لعلمه أن المال حبه منوط بالقلب ، وعلم أن حب المال يحجبهم أن ينظروا فيه ، هل يضر أو ينفع أو يرد عليهم قولا إذا سألوه؟ وقال لهم هارون : (يا قوم إنما فتنتم به) أي اختبرتم به لتقوم الحجة لله عليكم إذا سئلتم (وإن ربكم الرحمن) ومن رحمته بكم أن أمهلكم ورزقكم مع كونكم اتخذتم إلها تعبدونه غيره سبحانه ، ثم قال لهم : (فَاتَّبِعُونِي) لما علم أن في اتباعهم إياه الخير (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) لكون موسى عليهالسلام أقامه فيهم نائبا عنه ، فقالوا : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ) يريدون عبادة العجل (عاكفين) أي ملازمين (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) الذي بعث إلينا وأمرنا بالإيمان به ، فحجبهم هذا النظر أن ينظروا فيما أمرهم به هارون عليهالسلام ، وأما الخوار فإنه من الأثر المقبوض من وطء الروح ، فقبض السامري من أثر جبريل لما علم أن الروح تصحبه الحياة حيث حلّ ، فرمى ما قبضه في العجل فخار العجل بذلك الأثر المقبوض ، ولو رماه في شكل فرس لصهل ، أو شكل إنسان نطق ، فإن الاستعداد لما ظهر بالحياة إنما كان للقابل.