ظلام القبر سربالا ، فأعطاه العلم فعلا ببحثه في الأرض ، وحالا بما تقدم من إشارة السواد ، وهو صفة الغيب المفيد لعالم الشهادة فهذا معنى : وكساه من ظلام القبر سربالا ، أي لمناسبة الظلام إلى السواد.
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) (٣٢)
أخبر الله تعالى أنه أيد الرسل بالبينات ليعذر الإنسان من نفسه ، لذلك قال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) يعني نبعثه بالآيات البينات على صدق دعواه ـ إشارة ـ حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد موته ، حياة سنته ، ومن أحياه فكأنما أحيا الناس جميعا ، فإنه المجموع الأتم ، والبرنامج الأكمل.
(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٣٣)
على تلك المحاربة والفساد جزاء لهم فإن الله لما عاقبهم في الدنيا لم يجعل عقوبتهم كفارة مثل ما هي الحدود في حق المؤمنين ، وهذا لا يكون إلا للكفار ، ولذلك قال : (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) يعم الظاهر والباطن ، بخلاف عذاب أهل الكبائر من المؤمنين ، فإن الله يميتهم في النار إماتة حتى يعودوا حمما شبه الفحم ، فهؤلاء ما أحسوا بالعذاب لموتهم ، فليس لهم حظ في العذاب العظيم ، فالمصاب في الدنيا ، تكفر عنه مصيبته من الخطايا ما يعلم الله ، ومصيبة الآخرة لا تكفر ، وقد يكون هذا الحكم في الدنيا فيشبه الآخرة مثل ما جاء