إليهم العافية مندرجة في الأدوية الكريهة ، فأخفى من ضرب المثل في الأدوية المؤلمة المتضمنة الشفاء والراحة لا يكون ، فإنه لا أثر لها في وقت الاستعمال مع علمنا بأنها في نفس استعمال ذلك الدواء ، ولا نحسّ بها للطافتها. ومن باب لطفه سريانه في أفعال الموجودات وهو قوله : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ولا نرى الأعمال إلا من المخلوقين ، ونعلم أن العامل لتلك الأعمال إنما هو الله ، فلو لا لطفه لشوهد. «الخبير» بما اختبر به عباده ومن اختباره قوله : «حتى نعلم» فيرى هل ننسب إليه حدوث العلم أم لا ، فانظر أيضا هذا اللطف ، ولذلك قرن الخبير باللطيف فقال اللطيف الخبير. «الحليم» هو الذي أمهل وما أهمل ، ولم يسارع بالمؤاخذة لمن عمل سوءا بجهالة ، مع تمكنه أن لا يجهل وأن يسأل وينظر حتى يعلم. «العظيم» في قلوب العارفين به. «الشكور» لطلب الزيادة من عباده مما شكرهم عليه ، وذكرهم به من عملهم بطاعته ، والوقوف عند حدوده ورسومه وأوامره ونواهيه ، وهو يقول : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) فبذلك يعامل عباده ، فطلب منهم بكونه شكورا أن يبالغوا فيما شكرهم عليه. «العلي» في شأنه وذاته عما يليق بسمات الحدوث ، وصفات المحدثات. «الكبير» بما نصبه المشركون من الآلهة ، ولهذا قال إبراهيم عليهالسلام : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) وهنا الوقف ويبتدىء (هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فلو نطقوا لاعترفوا بأنهم عبيد ، وأن الله هو الكبير العلي العظيم. «الحفيظ» بكونه بكل شيء محيط ، فاحتاط بالأشياء ليحفظ عليها وجودها ، فإنها قابلة للعدم كما هي قابلة للوجود ، فمن شاء سبحانه أن يوجده فأوجده حفظ عليه وجوده ، ومن لم يشأ أن يوجد وشاء أن يبقيه في العدم حفظ عليه العدم ، فلا يوجد ما دام يحفظ عليه العدم ، فإما أن يحفظه دائما أو إلى أجل مسمى. «المقيت» بما قدر في الأرض من الأقوات وبما أوحى في السماء من الأمور فهو سبحانه يعطى قوت كل متقوت على مقدار معلوم. «الحسيب» إذا عدد عليك نعمه ، ليريك منته عليك ، لمّا كفرت بها فلم يؤاخذك لحلمه وكرمه وبما هو كافيك عن كل شيء ، لا إله إلا هو العليم الحكيم. «الجليل» لكونه عز فلم تدركه الأبصار ولا البصائر ، فعلا ونزل بحيث أنه مع عباده أينما كانوا كما يليق بجلاله ، إلى أن بلغ في نزوله أن قال لعبده مرضت فلم تعدني ، وجعت فلم تطعمني ، وظمئت فلم تسقني ، فأنزل نفسه من عباده منزلة عباده من عباده ، فهذا من حكم هذا الاسم الإلهي. «الرقيب» لما هو عليه من لزوم الحفظ لخلقه ، فإن