الباطل ، وهو العدم من بين يديه ولا من خلفه ، فمن بين يديه من قوله لما خلقت بيدي ، ومن خلفه لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ليس وراء الله مرمى ، فنسب إليه الوراء وهو الخلف ، فهو وجود حق لا عن عدم ، ولا يعقبه عدم ، بخلاف الخلق فإنه عن عدم ويعقبه العدم من حيث لا يشعر به ، فإن الوجود والإيجاد لا ينقطع ، فما ثم في العالم من العالم إلا وجود وشهود ، دنيا وآخرة من غير انتهاء ولا انقطاع ، فأعيان تظهر فتبصر. «الوكيل» الذي وكله عباده على النظر في مصالحهم ، فكان من النظر في مصالحهم أن أمرهم بالإنفاق على حد معين ، فاستخلفهم فيه بعد ما اتخذوه وكيلا ، فالأموال له بوجه ، فاستخلفهم فيها. والأموال لهم بوجه فوكلوه في النظر فيها ، فهي لهم بما لهم فيها من المنفعة ، وهي له بما هي عليه من تسبيحها بحمده ، فمن اعتبر التسبيح قال : إن الله ما خلق العالم إلا لعبادته ، ومن راعى المنفعة قال : إن الله ما خلق العالم إلا لينفع بعضه بعضا. «القوي المتين» هو ذو القوة لما في بعض الممكنات أو فيها مطلقا من العزة ، وهي عدم القبول للأضداد ، فكان من القوة خلق عالم الخيال ، ليظهر فيه الجمع بين الأضداد ، لأن الحس والعقل يمتنع عندهما الجمع بين الضدين ، والخيال لا يمتنع عنده ذلك ، فما ظهر سلطان القوي ، ولا قوته إلا في خلق القوة المتخيلة وعالم الخيال ، فإنه أقرب في الدلالة على الحق ، فإن الحق هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، فما حاز الصورة على الحقيقة إلا الخيال ، وهذا ما لا يسع أحدا إنكاره ، فإنه يجده في نفسه ويبصره في منامه ، فيرى ما هو محال الوجود موجودا ، فتنبه لقوله : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين. «الولي» هو الناصر من نصره ، فنصرته مجازاة ، ومن آمن به فقد نصره ، فالمؤمن يأخذ نصر الله من طريق الوجوب ، فإنه قال : «وكان حقا علينا نصر المؤمنين» مثل وجوب الرحمة عليه سواء. قال تعالى : «كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح» وأين هذا من اتساعها؟ فنصرة الله تشبه رحمة الوجوب ، وتفارق رحمة الامتنان الواسعة ، فإنه ما رأينا فيما أخبرنا به تعالى نصرة مطلقة ، وإنما رأيناها مقيدة إما بالإيمان وإما بقوله : «إن تنصروا الله ينصركم». «الحميد» بما هو حامد بلسان كل حامد وبنفسه ، وبما هو محمود بكل ما هو مثنى عليه وعلى نفسه ، فإن عواقب الثناء عليه تعود. «المحصي» كل شيء عددا ، من حروف وأعيان وجودية ، إذ كان التناهي لا يدخل إلا في الموجودات ، فيأخذه الإحصاء فهذه الشيئية شيئية