(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (١٨٥)
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا) يعني يتفكروا ، فإنه سبحانه لما أراد النظر الذي هو الفكر ، قرنه بحرف في ، ولم يصحبه لفظ كيف ، فهو أمر بالنظر العقلي (فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيعلموا أنها لم تقم بأنفسها ، وإنما أقامها غيرها ، وهذا النظر لا يلزم منه وجود الأعيان مثل النظر في الكيفية ، وإنما الإنسان كلف أن ينظر بفكره في ذلك لا بعينه ، ومن الملكوت ما هو غيب وما هو شهادة ، فما أمرنا قط بحرف في إلا في المخلوقات لا في الله ، لنستدل بذلك عليه وأنه لا يشبهها ، فاعتبر الشرع حكم النظر العقلي في إثبات وجود الله وتوحيده ، وما يجب له من الأحكام ، وبالنظر العقلي في صدق آيات رسوله التي نصبها دليلا على صدقه ، وفي القرآن مثل هذا كثير ، وهذه الآيات وأمثالها لأهل النظر والاستدلال الذين نصب الله لهم الأدلة والآيات.
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٨٦)
(فَلا هادِيَ لَهُ) معناه لا موفق.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٧)
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها) يعني يوم القيامة ، إذا جاء الوقت يعطيها الله خلقها ، هو الذي أعطى كل شيء خلقه ، لذلك قال : (إِلَّا هُوَ)(قُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإن الغيب إذا ثقل عليه الأمر وضاق