يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (١٩٦)
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) الولاية نصر الولي ، أي نصر الناصر ، ونعت الولاية لا ينسبها الله لنفسه إلا بتعلق خاص للمؤمنين خاصة والصالحين من عباده ، ولما كان نعتا إلهيا هذا النصر المعبر عنه بالولاية تسمى سبحانه به وهو اسمه الولي ، ولما أنزل الله تعالى على عبده محمد صلىاللهعليهوسلم هذه الآية ليعرف الناس بها ، فكأن الله حكى عن نبيه صلىاللهعليهوسلم ما لا بد له أن يقوله ويتلفظ به ، فجعله قرآنا يتلى ، إذ كان الصلاح من خصائص العبيد في نفس الأمر ، فقال تعالى : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) فشهد له بالصلاح إذا كان الحق حاكيا في هذه الآية ، وإن كان آمرا فيكون النبي صلىاللهعليهوسلم أخبر بذلك لقوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) وهو من المؤمنين (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) فيكون من المشهود لهم بالصلاح ، فعرفنا أن الله تولاه ، وأخبرنا أن الله يتولى الصالحين ، فشهد لنفسه بالصلاح بالوجه الذي ذكرناه ، ولم ينقل ذلك عن غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ولهذا القطع بأن الله يتولى الصالحين كان الصلاح مطلوبا لكل نبي مكمل ، وشهد الله به لمن شاء من عباده على التعيين تشريفا له بذلك ، كعيسى ويحيى عليهماالسلام ، فإن الاسم الصالح من خصائص العبودية ، ونعت عبودي لا يكون إلا للعبيد الكمل ، فمنهم من شهد له بها الحق عزوجل بشرى من الله ، مثل يحيى وعيسى وإبراهيم ومحمد عليهمالسلام ، ومنهم من سألها لنفسه كسليمان عليهالسلام.