لعلمه بأن شهادته مقبولة وكلامه مسموع (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فوصف النبي صلىاللهعليهوسلم بالرحمة ، وهي رحمة فطر عليها زائدة على الرحمة التي بعث بها ، وهي قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وما من أحد من الأمة إلا وهو مؤمن بالله ، ومن وجه آخر قيده بالإيمان ولم يقيد الإيمان فهذا تقييد في إطلاق ، فإنه قال في الإيمان إنه مؤمن صاحبه بالحق والباطل ، ومن كونه صلىاللهعليهوسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما أن أبان لأمته عن صورة تجلي الحق لعباده بقول ما قاله نبي لأمته قبله ، كما جاء في حديث الدجال ـ مسئلة ـ الاتصاف بأوصاف الحق تعالى التي بها يكون إلها واجب شرعا وعقلا اجتناب هذه الأسماء الإلهية معنى وإن أطلقت لفظا ينبغي أن لا تطلق لفظا على أحد إلا تلاوة ، فيكون الذي يطلقها تاليا حاكيا كما قال تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فسماه عزيزا رؤوفا رحيما فنسميه بتسمية الله إياه ونعتقد أنه صلىاللهعليهوسلم في نفسه مع ربه عبد ذليل خاشع أواه منيب ، فإطلاق الألفاظ التي تطلق على الحق من الوجه الصحيح الذي يليق بالجناب الإلهي لا ينبغي أن تطلق على أحد من خلق الله إلا من حيث أطلقها الحق لا غير وإن أباح ذلك ، فإن أطلقها العبد على من أطلقها عليه الحق أو الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فيكون هذا المطلق تاليا أو مترجما ناقلا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك الإطلاق ، ومن الورع أن لا يطلق على أحد ممن ليس بنبي ولا رسول اللفظ الذي اختصوا به ، فيطلق على الرسل الذين ليسوا برسل الله لفظة الورثة والمترجمين ، فيقال من السلطان الفلاني إلى السلطان الفلاني ترجمان يقول كذا. وكذا ، فلا يطلق على المرسل ولا المرسل إليه اسم الملك ورعا وأدبا مع الله ، ويطلق عليه اسم السلطان ، فإن الملك من أسماء الله ، فيجتنب هذا اللفظ أدبا وحرمة وورعا ، ويقال السلطان ، إذ كان هذا اللفظ لم يرد في أسماء الله ، ويطلق على الرسول الذي جاء من عنده اسم الترجمان ولم يطلق عليه اسم الرسول ، لأنه أطلق على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيجعل من خصائص النبوة والرسالة أدبا مع رسل الله عليهمالسلام ، وإن كان هذا اللفظ أبيح ولم ينه عنه فلزوم الأدب أولى ـ إشارة ـ التوحيد في الإله ، من حيث ما هو إله ، لا من حيث الأسماء فإنها للعبيد والإماء ، بها يكون التحقق ، وهي المراد بالتخلق ، قد قال في الكتاب الحكيم عن رسوله الكريم ، إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وقال سبحانه عن نفسه في كلامه القديم ، إن الله بكم لرؤف رحيم ، فقد عرفنا ، بأنه وصف