فلا أسخط عليكم أبدا ، فالحمد لله له التأخير في الأمور ، فهي تملأ الميزان ، فإن آخر ما يجعل في الميزان سبحان الله وبحمده ، فبها يمتلىء ، فالتحميد يأتي عقيب الأمور ، ففي السراء يقال : (الحمد لله المنعم المفضل) وفي الضراء يقال : (الحمد لله على كل حال).
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢)
فإن الإنسان لو نشأ على الخير والنعم طول عمره لم يعرف قدر ما هو فيه حتى يبتلى ، فإذا مسه الضر عرف قدر ما هو فيه من النعم والخيرات ، عند ذلك عرف قدر المنعم.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (١٣)
اعلم أن الله ما ذكر أخبار القرون الماضية إلا لنكون على حذر من الأسباب التي أخذهم بها أخذته الرابية ، وبطش بهم البطش الشديد ، وأما الموت فأنفاس معدودة ، وآجال محدودة ، وليس الخوف إلا من أخذه وبطشه لا من لقائه ، فإن لقاءه يسر الولي ، والموت سبب اللقاء ، فهو أسنا تحفة يتحفها المؤمن ، فكيف به إذا كان عالما ، بخ على بخ
(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ