أخذ أجرا فله ذلك ، فإنه في عمل يقتضي الأجر بشهادة كل رسول ، وإن ترك أخذه من الناس وسأله من الله فله ذلك ، وسبب ترك الرسل لذلك وسؤالهم من الله الأجر ، كون الله هو الذي استعملهم في التبليغ ، فكان الأجر عليه تعالى لا على المدعو ، وإنما أخذ الراقي الأجر من اللديغ لأن اللديغ استعمله في ذلك ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم : [اضربوا لي بسهم] لأن الرسول عليهالسلام هو الذي أفاد الراقي ما رقى به ذلك اللديغ ، واعلم أن هذا الأجر أجر تفضل إلهي ، عيّنه السيد لعبده ، فإن العبد لا ينبغي له استحقاق الأجر على سيده فيما يستعمله فيه ، فإنه ملكه وعين ماله ، ولكن تفضل سيده عليه بأن عيّن له على عمله أجرا ، فأنت العبد في صورة الأجير ، وما هو أجر الأجير ، فإن الأجير من استؤجر ، فهذا أجنبي ، والسيد لا يستأجر عبده ، لكن العمل يقتضي الأجرة ولا يأخذها ، وإنما يأخذها العامل ، والعامل العبد ، فهو قابض الأجرة من الله ، فأشبه الأجير في قبض الأجرة وفارقه بالاستئجار ـ راجع سورة هود آية ٢٩.
(فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (٧٨) وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي