حال صحت عند المشاهدة المتقدمة به ، وإما أن يكون خارجا عن مقدور البشر ، فهذه شواهد الأحوال محصورة وقد يكون الشاهد منه بصدق اتباعه ، وهو اتباعه سنة الرسول صلىاللهعليهوسلم وما شرع لنا ، لم يخل بشيء منها ولا ارتكب مخالفة بتحليل ما حرم الله أو تحريم ما حلّل ، فإن لله عبادا عملوا على إيمانهم ، وصدقوا الله في أحوالهم ، ففتح الله أعين بصائرهم ، وتجلّى لهم في سرائرهم فعرفوه على الشهود ، وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبينة وشاهد منهم ، وهو الرسول المبعوث إليهم ، فإنّ الله جعل الرسل شهداء على أممهم ولأممهم ، فمع كون هذا المؤمن على بينة من ربه حين تجلى له ، تلاه في تلك الحال شاهد منه وهو الرسول ، فأقامه له في الشهود مرآة فقال له : هذا الذي جئتك من عنده ، فلما أبصره ما أنكره بعد ذلك مع اختلاف صور التجلي ـ إشارة ـ (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ما يراه أهل الله من التجلي في الأسماء الإلهية ، هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له شاهد من كتاب أو سنة؟ فقوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وهو صاحب الرؤية (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) هو ما ذكرناه من العمل على الخبر إما كتاب أو سنة ، وهو الشاهد الواحد ، والشاهدان الكتاب والسنة ، وإنما احتجنا إلى العمل عليهما دون العثور على النقل الذي يشهد لصاحب هذا المقام ، لأن ذلك يتعذر إلا بخرق العادة ، وهو أن يعرّف من هناك بآية الدليل أو الخبر.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي