بالتفكر وقيام الآلام واللذات به؟ فهل تلك الصورة التي ظهرت تشبه الحيوان أو الإنسان أو ما كان ، تقبل هذا الحكم في نفس الأمر؟ أو الرائي إذا لم يعلم أنها إنسان أو حيوان ما له أن يحكم عليها بما يحكم على من في تلك الصورة عينه ، كيف الأمر في ذلك؟ فاعلم أن الملك على صورة تخالف البشر في نفسه وعينه ، وكما تخالف البشر فقد خالفه أيضا البشر ، مثل جبريل ظهر بصورة أعرابي بكلامه وحركته المعتادة من تلك الصورة في الإنسان ، هي في الصورة الممثلة كما هي في الإنسان ، أو هي من الصورة كما هي الصورة متخيلة أيضا ، ويتبع تلك الصورة جميع أحكامها من القوى القائمة بها في الإنسان ، كما قام بها الكلام والحركة والكيفيات الظاهرة ، فهو في الحقيقة إنسان خيالي ، أعني الملك في ذلك الزمان ، وله حكم تلك الصورة في نفس الأمر أيضا ، على حدّ الصورة من كونها إنسانا خياليا ، فإذا ذهبت تلك الصورة ، ذهبت أحكامها لذهابها ، وسبب ذلك أن جوهر العالم في الأصل واحد ، لا يتغير عن حقيقته ، وأن كل صورة تظهر فيه ، فهي عارضة تستحيل في نفس الأمر في كل زمان فرد ، والحق يوجد الأمثال على الدوام ، لأنه خالق على الدوام والممكنات في حال عدمها مهيأة لقبول الوجود ، فمهما ظهرت صورة في ذلك الجوهر ، ظهرت بجميع أحكامها سواء كانت تلك الصورة محسوسة أو متخيلة ، فإن أحكامها تتبعها كما قال الأعرابي ، لما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصف الحق جل جلاله بالضحك ، قال : لا نعدم خيرا من رب يضحك ، إذ من شأن من يضحك أن يتوقع منه وجود الخير ، فكما أتبع الصورة الضحك ، أتبعها وجود الخير منها ، وهذا في الجناب الإلهي فكيف في جوهر العالم؟.
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (٧٣)