فسمعنا وفهمتنا ففهمنا ، فيا ربنا وفقنا واستعملنا فيما طلبته منا من عبادتك وتقواك ، إذ لا حول لنا ولا قوة إلا بك ، فالله هو الموفق وبيده الهداية ، وليس لنا من الأمر شيء ، ولقد صدق الكذوب إبليس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين اجتمع به فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما عندك؟ فقال إبليس : لتعلم يا رسول الله أن الله خلقك للهداية ، وما بيدك من الهداية شيء ، وأن الله خلقني للغواية ، وما بيدي من الغواية شيء ، لم يزده على ذلك وانصرف ، وحالت الملائكة بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن التوفيق من رحمة الامتنان للعمل الصالح الموجب لرحمة الاختصاص ـ مناجاة ـ يا حنان يا منان ، يا رؤوف يا قديم الإحسان ، يا من جعل معدن النبوة أشرف المعادن ، وموطن الأحكام أرفع المواطن ، أنت الذي سويت فعدلت ، وفي أي صورة ما شئت ركبت ما سويت ، يا واهب إذ لا واهب ، ويا مانح المثوبات أهل المكاسب ، أنت الذي وهبت التوفيق ، وأخذت بناصية عبدك ومشيت به على الطريق ، وخلقت فيه الأعمال الرضية ، والأقوال الزكية ، وأنطقته بالتوحيد والشهادة ، ويسرت له أسباب السعادة ، ثم أدخلته دارك ، ومنحته جوارك ، وقلت له : هذا لعملك بعلمك ، ولك ما انته إليه خاطر أملك.
(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (٩٠)
من البشرى ورود اسم الودود لله تعالى ، فإن المودة هي الثبوت على المحبة ، ولا معنى لثبوتها ، إلا حصول أثرها بالفعل في الدار الآخرة ، وفي النار لكل طائفة بما تقتضيه حكمة الله فيهم.
(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١)