والعرش ، والطبقة الثالثة العلماء بالله من طريق النظر والبرهان العقلي ، وهم أصحاب الكراسي ، والطبقة الرابعة وهم المؤمنون المقلدون في توحيدهم ، ولهم المراتب وهم في الحشر مقدمون على أصحاب النظر العقلي ، وهم في الكتيب عند النظر يتقدمون على المقلدين ، فإذا أراد الله أن يتجلى لعباده في الزور العام نادى منادي الحق في الجنات كلها يا أهل الجنان : حيّ على المنة العظمى والمكانة الزلفى والمنظر الأعلى ، هلموا إلى زيارة ربكم في جنة عدن ، فيبادرون إلى جنة عدن فيدخلونها ، وكل طائفة قد عرفت مرتبتها ومنزلتها فيجلسون ، ثم يؤمر بالموائد فتنصب بين أيديهم ، موائد اختصاص ، ما رأوا مثلها ولا تخيلوه في حياتهم ولا في جناتهم ، جنات الأعمال ، وكذلك الطعام ما ذاقوا مثله في منازلهم ، وكذلك ما تناولوه من الشراب ، فإذا فرغوا من ذلك خلعت عليهم من الخلع ما لم يلبسوا مثلها فيما تقدم ، ومصداق ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم في الجنة : فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فإذا فرغوا قاموا إلى كثيب المسك الأبيض ، فأخذوا منازلهم فيه على قدر علمهم بالله لا على قدر عملهم ، فإن العمل مخصوص بنعيم الجنان لا بمشاهدة الرحمن فبيناهم على ذلك إذا بنور قد بهرهم فيخرون سجدا فيسري ذلك النور في أبصارهم ظاهرا وفي بصائرهم باطنا وفي أجزاء أبدانهم كلها وفي لطائف نفوسهم ، فيرجع كل شخص منهم عينا كله وسمعا كله ، فيرى بذاته لا تقيده الجهات ويسمع بذاته كلها ، فهذا يعطيهم ذلك النور فبه يطيقون المشاهدة والرؤية ، وهي أتم من المشاهدة ، فيأتيهم رسول من الله يقول لهم : تأهبوا لرؤية ربكم جلّ جلاله ، فها هو يتجلى لكم فيتأهبون ، فيتجلى الحق جل جلاله وبينه وبين خلقه ثلاث حجب : حجاب العزة ، وحجاب الكبرياء ، وحجاب العظمة فلا يستطيعون النظر إلى تلك الحجب ، فيقول الله جل جلاله لأعظم الحجبة عنده : ارفعوا الحجب بيني وبين عبادي حتى يروني ، فترفع الحجب فيتجلى لهم الحق جل جلاله خلف حجاب واحد في اسمه الجميل اللطيف إلى أبصارهم ، وكلهم بصر واحد فينفهق عليهم نور يسري في ذواتهم ، فيكونون به سمعا كلهم ، وقد أبهتهم جمال الرب وأشرقت ذواتهم بنور ذلك الجمال الأقدس ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما جاء في حديث النقاش في مواقف القيامة وهذا تمامه ـ راجع البقرة آية ٢١٠ ـ فيقول الله جل جلاله : سلام عليكم عبادي ومرحبا بكم ، حياكم الله ، سلام عليكم من الرحمن الرحيم ، الحي القيوم ، طبتم فادخلوها خالدين ،